الدين بين الشبهات والشكوك
مثال عقلي:
كان يوجد طالب يبحث عن أكبر أساتذة الرياضيات ليتعلَّم على يديه ويتابعه في محاضراته. بحث عن عالِم من بعدِ عالِم، واطَّلع على أعمالهم وأبحاثهم.. وعند كل عالِم يجده الطالب يجلس ليُفكِّر: هل هذا هو أكبر علماء الرياضيات؟ وتُساوِره "الشكوك" بشأن هذا...
إلى أن وجد الطالب يومًا أعمالًا رياضية عظيمة جدًا منشورة في الدوريات العلمية، وكانت هذه الأعمال متميزة جدًا عن غيرها وأخذت شهادات وجوائز دولية، فنظر في الأبحاث.. ووجدها رائعة لا تصدر فِعلًا إلا عن أعظم علماء الرياضيات في العالم. هنا قلت "شكوكه" جدًا بشأن كونه العالِم الأكبر، وجاء قراره في أن يحضر محاضرات هذا الرجل ويدرس كتابه المقرَّر.
ذهب إلى الجامعة التي يُدرِّس فيها العالِم وسأل عن المكان الذي يُحاضِر فيه فدلُّوه عليه وعلى أوقات المحاضرات. حضر الطالب المحاضرة بعد المحاضرة.. فانبهر بعِلمٍ الأستاذ ووجد أن الأستاذ فِعلًا مُتمكِّن جدًا من هذا العلم إلى حدٍ مُذهِل، فانتهت وتلاشت "شكوكه" وآمن بأنه يحضُر فِعلًا للعالِم الأكبر.
بينما كان الطالب في إحدى المحاضرات استشكل عليه ما قاله الأستاذ.. فحدثت في نفسه "شبهة" أن حل المسألة ليس كما قالها الأستاذ! بل أن خطأ الأستاذ يبدو وكأنه لا يخرج من عالِم رياضيات فضلًا عن خروجه من أكبر العلماء!
"ففكَّر في هذا الشبهة".. وقال: هل من الممكن أن يكون هذا الرجل طبيبًا وليس عالِم رياضيات أصلًا؟! أم الاحتمال الآخر أن هناك ثمَّة شيءٍ ما لا أفهمه؟
توقَّف مع نفسه قليلًا.. وقال لنفسه: بالطبع لا.. كيف أترك كل ما شَهِد للرجل من علمٍ.. من أعماله العظيمة ومحاضراته الرائعة وتدفعني هذه "الشبهة" أن "أشك" في أن الأستاذ ليس هو أستاذ الرياضيات العظيم أصلًا؟!
الأقرب إلى عقلي أن هذه "شبهة" وليست "شك" أي أنني لا أفهم هذه الجزئية ولكني لا أشك في عِلمِ الرجل.
إذًا؛ سأبحث عن حلٍ لهذه "الشبهة" حتى أجده.. وحتى إن لم أجد حلَّها فسأعتبر أنني من الطبيعي ألا أفهم كل ما في مقرَّر هذا الأستاذ العبقري، ولكن هذا ليست له علاقة من قريبٍ أو بعيدٍ.. باعتزازي وإيماني بأستاذي وبعِلْمِه.
والله أعلم.
أحمد كمال قاسم
كاتب إسلامي
- التصنيف: