نيجيريا.. والصراع بين الكفر والإيمان
أينما وجدنا المسلمين وجدنا حرباً ضروساً عليهم من أتباع مِلل الكفر في العالم سواءً كانوا بوذيون أم نصارى أم رافضة أم سيخ أم غيرهم كلهم أجمعوا كلمتهم وحالفوا الشيطان على حرب الإسلام، وكما يقول المصطفى صلى الله عليهم وسلم: «بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» (رواه مسلم).
تعلقنا نحن المسلمين منذ بداية الصراع "الفلسطيني – الصهيوني" بشعارات واهية حاول أعدائنا خلالها أن يُظهِروا أن السبب في هذا الصراع مجرّد خلافات على من الأحق بأرض فلسطين، الذين مرّوا بها منذ قرون أم الذين سكنوها منذ آلاف السنين، ودعمت السياسة العربية الفاشلة أُسس الدعاية الصهيونية والغربية لتوهِم لأجيال مضت أن ما يدور في الشرق الأوسط ومن اعتداءات ضد المسلمين في كل مكان امتداداً لصراع سياسي على الأرض، لكن الحقيقة كانت بعيدة كل البُعد عن هذا الأمر. فأينما وجدنا المسلمين وجدنا حرباً ضروساً عليهم من أتباع مِلل الكفر في العالم سواءً كانوا بوذيون أم نصارى أم رافضة أم سيخ أم غيرهم كلهم أجمعوا كلمتهم وحالفوا الشيطان على حرب الإسلام، وكما يقول المصطفى صلى الله عليهم وسلم: «بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» (رواه مسلم).
في نيجريا التي تُعدّ أكبر بلدان أفريقيا حيث يبلغ عدد سكانها 154 مليون نسمة، دخل الإسلام في القرن الثالث عشر ميلادي، واحتلتها إنجلترا عام 1851م، واستمرت في ذلك حتى أكتوبر من عام 1960م، واتبعت في ذلك سياستها الشهيرة "فرّق تسُد" وأخذت تدعم النصارى بقوة وتميزهم عن المسلمين في التعليم والصحة والمراكز الحكومية حتى أذكت الفرقة بين سكان البلد الواحد وانتشر التنصير في أفريقيا على أشده، ليظهر جليا أن الاستعمار البريطاني والغربي في بلدان العالم الإسلامي كانت غايته واحدة وهي التفريق بين المسلمين ونشر التنصير بينهم من أجل إضعاف العالم الإسلامي ليَسهل القضاء عليه، وهذا ما فعلته دول الاستعمار إذ سلبت الاقتصاد وزرعت خلفها من يحمي ظهرها ويستمر في تجهيل الناس وابتدعت لهم من الأنظمة الفكرية التي ساهمت في إبعاد الناس عن منهاج القرآن الكريم والسنة النبوية من "علمانية، واشتراكية" وقسّمتها إلى أصناف وأنواع أحارت بها العقول وكلها كانت مجرّد وسائل لتغييب العقول عن الحقيقة التي نزلت من عند الله سبحانه وتعالى".
يقول الشيخ محمد سليمان أحد دعاة المسلمين المعروفين في نيجيريا: "الذي يعيش في بلادنا يعلم جيداً أن الذي يزيد الأمور سوءاً أن هناك أيادي كثيرة وليس يدٍ واحدة تدعم النصارى، بعد أن عاشت البلاد فترات من الزمن في استقرار وهدوء ودون ضغوط ومشاجرات، وبعد أن جاءت الحكومة المدنية بدأت تظهر المشاكل، وذلك ظهر من خلال التفريق بين نصارى الجنوب والشمال ثم اتحدو فيما بينهم ضد المسلمين في الشمال، ثم بدأت المذابح منذ عام 2001م، ولم تتوقف حتى يومنا هذا، لذلك كثيراً ما تسمع في وسائل الإعلام عن سقوط قتلى وجرحى في مختلف المدن النيجرية".
ويرى أيضاً أن القتل في صفوف المسلمين لا يستدعي ولو تعليق من الحكومة عليه، ويكمل حديثه لموقع "البيان"، غالباً ما تغلق ملفات القضية دون محاسبة القائمين على تلك الجرائم، وحتى في حال حرقت مصانعهم وبيوتهم وسيارتهم الحكومة لا تعوضهم، ولنقترب من الواقع أكثر في مدينة جوس حصلت مجازر وحرق النصارى أكثر من 2500 بيتاً للمسلمين، لكن الحكومة وقفت صامتة ولم تفعل شيئاً. أكثر من ستين قرية أخرجوا المسلمين منها وقتلوهم ودمّروا بيوتهم، هذه الحقيقة المحزنة جرت في ولاية (هولاتو) فقط، والآن في ولاية كدونا وسط نيجريا قُتِل أكثر من 1500 مسلم في ثلاث قرى متجاورة، كل ما تفعله الحكومة تقوم بتشكيل لجان وتنشر هذه اللجان توصيات. الحكومة تأخذ الملف وتضعه في "الدولاب"، الحكومة الفدرالية مُسيّطر عليها النصارى وحتى الأجهزة الأمنية يُسيطر عليها النصارى.
سألته عن حضور المسلمين داخل مؤسسات الحكومة فأجاب قائلاً: "المسلمون لديهم مشاركة فعّالة في القطاعات الحكومية لكن وجودهم كعدمه، لأنهم غير منضبطين دينياً ولا يحملون هم دينهم وللأسف، ولكن هذا لا يمنع وجود البعض من أهل الخير الذين يبذلون جهدهم ولكن الحاجة أكبر من طاقاتهم بكثير، أما النصارى فإنهم يستغلون وظائفهم في الدولة لدعم أهداف الكنيسة ولا يخشون من إعلان دعمهم للكنائس، لذلك إذا حصل أي شيء وأُرِسل الجنود وبينهم نصارى تجد أن الجنود الذين يُرسَلون لساحات الاشتباكات العسكري بين النصارى 1% جنود مسلمين والباقي نصارى وذلك لغاية إضعاف تأثير المسلمين وقدرتهم على اتخاذ القرار وحماية إخوانهم".
"أما عن دور الكنائس في إذكاء هذا العِداء للمسلمين، فيقول الشيخ سليمان وهو يدير مؤسسة خيرية فاعلة في نيجيريا، تشرف على مدرسة إسلامية ومشروعات خيرية أخرى: "رؤساء الكنائس يقومون بتحريض أتباعهم، رئيس اتحاد الكنائس في نيجيريا يتحدّث في التلفاز والصحف، وأمام رئيس الدولة، ومثل هذا الإنسان لا يمكن أن يحرّض ويتجرأ على التحريض ضد المسلمين داخل نظام الدولة إلا إذا كان هناك دولة تدعمه".
و يعتبر سليمان أن: "الصراع في نيجيريا يتغذى من ثلاثة أبعاد أساسها الدين، وأفرعها الصراع الديمغرافي فالمسلمون أكثر عدداً في نيجيريا ويشكلون من 65% إلى 70% من عدد السكان وهذا الأمر يُخيف النصارى، وكذلك البعد الاقتصادي حيث يمتلك المسلمين قوة اقتصادية كبيرة، ويسيطرون على وسائل النقل العام والعقارات وغيرها، والسنوات الأخيرة شهِدت إسلام الكثير من النصارى مما آثار استياء الكنيسة، كان المسلمون قبل وصول الحكومة المدنية يسيطرون على الحكومة وفي الأجهزة الأمنية، الأمر الذي زاد من حجم التوتّر وانتشار العنف والقتال والتحريض ضد المسلمين".
إن الحروب المنتشرة في أفغانستان والعراق وباكستان والفلبين وكشمير واليمن وغيرها من بلاد المسلمين وأخرها نيجيريا لا يغيب عنها يد أمريكا، وحينما نستذكر خطاب الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن الذي أعلن فيه حرباً صليبيةً جديدة على المسلمين في أفغانستان عام 2001م، فإن الأمر يكون جلياً لنا بأن الذي يُحرّك هذه الحروب ضد المسلمين هي كنائس أوروبا وأمريكا التي حرّكت الحملات الصليبية الأولى في العصور الوسطى، وعن هذا يقول الشيخ سليمان: "على سبيل المثال منذ 6 سنوات أصدرت الحكومة الأمريكية تقارير قالت فيها بأن نيجيريا ستنفصل عام 2015م وهذا دليل واضح على أنهم يتابعون التوتر في نيجيريا ويساهمون فيه، ويدعمون الكنائس".
ويضيف قائلاً: "الأمر الثاني إذا حصل أي شيء ضد النصارى تجد أن بابا الفاتيكان يتحدّث، وهذا يُدلِّل على أنهم يتابعون كل ما يحدث، أما المسلمين فإن الدول الإسلامية لا تفعل شيء لنُصرتِهم، مع أن أعداء الإسلام قد اجتمعوا على حربه".
ولم تغب الحكومة الصهيونية عن المشهد في نيجيريا، فهي تعتبر أفريقيا ميداناً خصباً للعب فيه فيقول الشيخ محمد سليمان إن حاكم ولاية فيلاتو دائماً يزور الكيان الصهيوني ويجتمع مع سياسيين صهاينة في "تل أبيب"، وقد سمحت الحكومة بإنشاء مركز للمخابرات الصهيونية. وتتستر بغطاء مساعدة المزارعين وهي مؤسسة معروفة تُسمّى "المؤسسة الإسرائيلية للزراعة"، كانت تعمل في مساعدة المزارعين في القرى والأرياف، وخاصة في مناطق النصارى وهي في مدينة جوس، وكل تركيزهم في مدينة جوس لأنها مدينة متميزة وسط نيجيريا".
طلبنا من الشيخ سليمان الحديث عن جماعة "بوكو حرام" فقال: "بوكو حرام حكاية معقّدة جداً لا يمكن للإنسان العادي أن يتحدّث عن بوكو حرام لأنها اسم من غير مُسمّى، لأن معظم الذين قُبِض عليهم في التفجيرات الأخيرة كلهم نصارى، ورأيناهم وعُرِضت صورهم في الجرائد والمجلات وبأسمائهم.. هناك بعض الشباب الذين يدّعون لتطبيق الشريعة وهم يُسمّون أنفسهم "جماعة أهل السنة والدعوة والجهاد" وهي نفسها التي يُطلق عليها جماعة بوكو حرام، وتُلصق فيها عمليات القتل والتفجير، والتي ثبت أن من ينفذها أُناسٍ ليسوا من جماعة أهل السنة والدعوة والجهاد، بل الكثير منهم نصارى كما مرّ سابقاً.
وبوكو حرام تعني "التعليم الغربي حرام"، ويتم مناقشتهم وجاء وقت المرحوم رئيس الدولة عمر أيرادوا، حدث خلاف بين بوكو حرام وبعض الشرطة فقتلوا بعض الشرطة، ثم قامت الشرطة بحملة اعتقالات وقتل ضدهم، زعيم هذه الجماعة اسمه "محمد يوسف لاندري" هناك أيادي خلفه تُحرِّكه ونعتقد أنها نصرانية، اعتقل في أبوجا العاصمة وقام كبار جنرالات النصارى في الجيش بإخراجه من السجن ومنحه المال والسيارات الفاخرة، ثم جاء وبدأت دعوته تقوى من خلال المال والتهديد، واغتالته الشرطة، فقام أتباعه يقتلون الناس واختلط الأمر، فأصبح قُطّاع الطرق يقتلون باسم "بوكو حرام" والحكومة تقتل باسم "بوكو حرام" والسياسيين يقتلون باسم "بوكو حرام".
و يكمل الشيخ قائلاً : "إلى يومنا هذا لم يتم محاكمة أي شخص من هذه الجماعة، الحقيقة نحن نعرف هؤلاء في بداية دعوتهم أُناسٍ عاديون ليس لديهم تدريبات عسكرية ولا غيرها، لكن لما اشتد الأمر بدأت تظهر لهم قوة وتسليح، يمكن القول إن مجموعة "بوكو حرام" يُستغل اسمها من قبل أجهزة المخابرات والكنيسة لتشويه صورة الإسلام".
"الوضع في نيجيريا مُحزن جداً الآن ضربوا ا اقتصاد الشمال بشكلٍ مُحزن، أقوى المدن الشمالية اقتصاديا كانت "ميدوقري" والآن بعد صلاة المغرب لا أحد يخرج إلى الشارع، ثانياً ولاية (كانوا) ضربوا اقتصادها وهي من أكبر المدن في شمال نيجيريا. وكذلك ولاية (كدونا) وتجد في كل يوم انفجار قنبلة وتظاهرات ومذابح تستهدف المسلمين والحكومة لا تُحرّك ساكناً لأنها تنحاز للكنيسة".
ويعتقد الشيخ سليمان وهذا اعتقاد سائد يراه أي مسلم عاقل: "أن العالم الإسلامي بحاجة إلى استنهاض قوته وتجميع نفسه للدفاع عن حقوقه، لأن الواقع يظهر أن ما يُقدِّم للمسلمين في العالم وفي أماكن الصراع بالذات لا يرقى للمستوى المطلوب، ولو نظرنا للفضائيات الإعلامية العربية والإسلامية فإنها تزخر بكم هائلٍ من المواد التي غايتها إفساد العقول بينما لا يُخصّص أي شيءٍ للحديث عن قضايا المسلمين المهمشين في كل مكان، بينما يشغل قادة الإعلام تلك الوسائل بالحديث عن قصص "المومسات" بالساعات، بينما آلاف المسلمين يموتون قتلاً وجوعاً ولا أحد يُحرِّك ساكناً".
ويرى الشيخ محمد أيضاً أن ترك الأمر هكذا من قبل المسلمين يعني أنهم يسكتون على استقواء النصارى وهذا يزيد من قلب ميزان القوى لصالحهم في أفريقيا.
ويقول أيضاً: "على الحكام المسلمين أن يتحدّثوا عن قضايا المسلمين في نيجيريا ويؤيدوا قضاياهم، لأن المسلمين سيشعرون بالأمل بأن إخوانهم يقفون معهم ويناصروهم في محنتهم".
ويؤكد أيضاً: "أن هذا الصراع يمكن حله بأمر واحد فقط، أن تكون الدولة عادلة، فهم يقومون بسجن المسلمين في السجون ويتركون النصارى دون حساب، إذا فعل المسلمين أي إضراب أو أي شيء يتم تقديمهم للمحاكمات، أما النصارى فيعملون ما يحلوا لهم دون حساب".
ويختم الشيخ محمد سليمان حديثه بقصةٍ حزينة حديثة في إحدى القرى: "في يوم العيد العام الماضي، ذهب المسلمين لأداء صلاة العيد، بعد حصولهم على ترخيص من الشرطة فلما ذهبوا إلى المُصلّى أحاط بهم النصارى أمام الشرطة، ورموهم بالحجارة ثم أخرجوا أسلحة وقتلوا أكثر من 250 من جماعة "إزالة البدعة وإقامة السنة" وهي جماعة معروفة في نيجيريا، واحرقوا مائتي سيارة، وتم التعرُّف على المجرمين لكن لم يُحاكم أي شخص".