دموع المآذن - (14) مسارعون للصلاة

منذ 2014-05-01

أو ما سمعت بشأنهم يوم المزيد وأنه شأن عظيم الشان هو يوم جمعتنا ويوم زيارة الرحمن وقت صلاتنا وأذان

وإذا أحب العبد الصلاة.. اشتاقت نفسه إليها.. فبكر إلى اللقاء.. واشتغل بالذكر والدعاء.. حتى تقام الصلاة..


وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم «ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه».


ولا يزال العبد في صلاة ما انتظر الصلاة..
ومما ابتلي به اليوم كثير من الناس التأخر عن الصلوات عمومًا خاصة صلاةَ الجمعة..


وقد روى البخاري.. أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح .. فكأنما قرب بدنة.. ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة.. ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن.. ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة.. ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة.. فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر..»


وعند البخاري أيضًا.. أنه  صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد.. الملائكة يكتبون الأول فالأول.. فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر..»


من أجل ذلك كان الصالحون يتسابقون إليها..


قال الإمام الزركشي: إن من أول ما أحدث المتأخرون من التغيير في صلاة الجمعة أنهم يتأخرون في المجيء إليها.. ولقد أدركنا السابقين يأتي أحدهم إلى صلاة الجمعة بيده السراج.. يعني يأتي إليها قبل أن تطلع الشمس..
نعم.. {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِ‌عُونَ فِي الْخَيْرَ‌اتِ وَيَدْعُونَنَا رَ‌غَبًا وَرَ‌هَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء:90]..


ومن حب الله تعالى للذين يبكرون إلى صلاة الجمعة.. أنهم هم الأقرب إليه.. في يوم المزيد.. في الجنة.. إذا اجتمع المؤمنون ينظرون إلى ربهم جل جلاله.. وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان..


أو ما سمعت بشأنهم يوم المزيد وأنه شأن عظيم الشان

هو يوم جمعتنا ويوم زيارة الرحمن وقت صلاتنا وأذان

والسابقون إلى الصلاة هم الألى فازوا بذاك السبق بالإحسان

سبق بسبق والمؤخر هاهنا متأخر في ذلك الميدان

والأقربون إلى الإمام فهم أولو الزلفى هناك فهاهنا قربان 

قرب بقرب والمباعد مثله بعد ببعد حكمة الديان

ولهم منابر لؤلؤ وزبرجد ومنابر الياقوت والعقيان 

هذا وأدناهم وما فيهم دني من فوق ذاك المسك كالكثبان

فيرون ربهم تعالى جهرة نظر العيان كما يرى القمران

ويحاضر الرحمن واحدهم محاضرة الحبيب يقول يا بن فلان

هل تذكر اليوم الذي قد كنت فيه مبارزًا بالذنب والعصيان

فيقول رب أما مننت بغفرة قدمًا فإنك واسع الغفران

فيجيبه الرحمن مغفرتي التي قد أوصلتك إلى المحل الداني

فيها الذي والله لا عين رأت كلا ولا سمعت به أذنان

واهًا لذا السوق الذي من حله نال التهاني كلها بأمان

وتجارة من ليس تلهيه تجارات ولا بيع عن الرحمن

يا من تعوض عنه بالسوق الذي ركزت لديه راية الشيطان

لو كنت تدري قدر ذاك السوق لم تركن إلى سوق الكساد الفاني

فهم الى يوم المزيد أشد شوقًا من محب للحبيب الداني

هذا وخاتمة النعيم خلودهم أبدًا بدار الخلد والرضوان

 

___________

من كتاب: (دموع المآذن) للشيخ محمد بن عبد الرحمن العريفي

محمد بن عبد الرحمن العريفي

دكتور وعضو هيئة التدريس بكلية إعداد المعلمين

المقال السابق
(13) الصلاة النافعة
المقال التالي
(15) وأْمُر أهلك بها