رِفق النبي مدرسة قليلة التلاميذ
قلَّما نجد من يقتدي بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في خُلقِ الرِّفق.. كان رفيقًا بالناس رفيقًا بتلاميذه.. رفيقًا بمحبيه.. رفيقًا بالإنسان والحيوان والجماد.. مدرسة فريدة هي أخلاق محمد صلى الله عليه وسلم.. وفصل الرِّفق منها قل من يدخله لينهل من رِفق النبي صلى الله عليه وسلم.. هل يُعدُّ هذا زهدًا في التعلم بتعاليمه أم من ركون إلى الدنيا وخضوع للنفس والهوى.
قلَّما نجد من يقتدي بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في خُلقِ الرِّفق.. كان رفيقًا بالناس رفيقًا بتلاميذه.. رفيقًا بمحبيه.. رفيقًا بالإنسان والحيوان والجماد..
مدرسة فريدة هي أخلاق محمد صلى الله عليه وسلم.. وفصل الرِّفق منها قل من يدخله لينهل من رِفق النبي صلى الله عليه وسلم.. هل يُعدُّ هذا زهدًا في التعلم بتعاليمه أم من ركون إلى الدنيا وخضوع للنفس والهوى.
إليكم بعض ما يُدرَّس في مدرسة الأخلاق العليا.. مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم في باب الرِّفق:
- عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: "بينا أنا أُصلِّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثُكْلَ أُمِّيَاه، ما شأنكم تنظرون إليَّ؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلمَّا رأيتهم يُصمِّتونني لكني سكت، فلما صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي، ما رأيت مُعلِّمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما كهرني[1]، ولا ضربني، ولا شتمني. قال: « » (صحيح مسلم: [537]).
كما أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يُبيِّن للناس الأمور بالرِّفق، ومن ذلك الشاب الذي طلب منه أن يأذن له بالزنا، فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: "إن فتى شابًّا أتى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مَهْ مَهْ. فقال: « »، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال: « » قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: « »، قال: « » قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: « »، قال: « » قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: « » قال: « » قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: « »، قال: « » قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: « »، قال: فوضع يده عليه، وقال: « »، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء"[2].
- وعن عبادة بن شرحبيل قال: "أصابنا عام مخمصة، فأتيت المدينة، فأتيت حائطًا من حيطانها، فأخذت سنبلًا ففركته فأكلته، وجعلته في كِسائي، فجاء صاحب الحائط، فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت النَّبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فقال للرجل: « »، فأمره النَّبي صلى الله عليه وسلم، فردَّ إليه ثوبه، وأمر له بوسقٍ من طعام، أو نصف وسق"[3].
وكان صلى الله عليه وسلم رفيقًا بقومه رغم أذيتهم له، فعن عروة رضي الله عنه: أنَّ عائشة رضي الله عنها زوج النَّبي حدثته أنَّها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: "هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أُحد؟ قال: « ن[4]؟»، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: « » (رواه البخاري: [3231]، ومسلم: [1795]).
- وكان صلى الله عليه وسلم رفيقًا في تعليمه للجاهل، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَهْ مَهْ. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « [5] »، فتركوه حتى بال، ثُمَّ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه، فقال له: « »، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فأمر رجلًا من القوم فجاء بدلوٍ من ماءٍ فشنَّه[6] عليه" (رواه مسلم: [285]).
وكان صلى الله عليه وسلم رفيقًا بنسائه، فعن أنس رضي الله عنه: "أن النَّبي صلى الله عليه وسلم أتى على أزواجه، وسَوَّاق يسُوقُ بهنَّ يُقال له: أَنْجَشَة، وكان يَحْدُو للإبل ببعض الشعر حتى تسرع على حِدَائه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: « » (رواه مسلم: [2323]).
كما أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يرفق بأبناء المسلمين، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن على فخذه الآخر، ثم يضمهما، ثم يقول: « » (رواه البخاري: [6003]).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش والمراجع:
[1]- (الكهر: الانتهار. انظر: لسان العرب؛ لابن منظور: [5/154]).
[2]- (رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني: [3/273] [1654]، وابن الأثير في أسد الغابة: [3/49]. وصحَّح إسناده الشنقيطي في أضواء البيان: [1/141]، وصحَّحه الألباني في صحيح ابن ماجة: [1875]).
[3]- (رواه أحمد: [5/256] [22265]، والبيهقي في الشعب: [7/295]. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [1/134]: "رجاله رجال الصحيح"، وصحَّح إسناده الألباني في السلسلة الصحيحة: [1/712]، وصحَّحه الوادعي في الصحيح المسند: [501]).
[4]- (الأخشبان: جبلا مكة. انظر: تاج العروس؛ للزبيدي: [2/357]).
[5]- (« »: أي لا تقطعوا عليه بوله. انظر: مختار الصِّحاح؛ للرازي، ص: [136]).
[6]- (الشن: الصب المتقطِّع. انظر: لسان العرب؛ لابن منظور: [13/242]).
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: