لا تحزن - تعامَلْ معَ الأمرِ الواقعِ (3)
وليس لنا من حيلةٍ فنحتالُ، إنما الحيلةُ في الإيمانِ والتسليمِ فَحَسْبُ، {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ}، {وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}، {وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}.
منْ أعنفِ الأيام في حياتي، ومن أفظعِ الأوقاتِ في عمري: تلك الساعةُ التي أخبرني فيها الطبيبُ المختصُّ ببترِ يد أخي محمدٍ رحمه اللهُ من الكتفِ، ونزل الخبرُ على سمعي كالقذيفةِ، وغالبتُ نفسي، وثابتْ روحي إلى قولِ المولى: {ما أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}، وقولهِ: { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
كانتْ هذه الآياتُ برْداً وسلاماً وروْحاً وريْحاناً.
وليس لنا من حيلةٍ فنحتالُ، إنما الحيلةُ في الإيمانِ والتسليمِ فَحَسْبُ، {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ}، {وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}، {وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}.
إن الخنساء النخعيةَ تُخبرُ في لحظةٍ واحدةِ بقتلِ أربعةِ أبناءٍ لها في سبيلِ اللهِ بالقادسيةِ، فما كان منها إلا أنْ حمدتِ ربَّها، وشكرتْ مولاها على حُسْن الصنيعِ، ولطفِ الاختيارِ، وحلولِ القضاءِ؛ لأنَّ هناك معيناً من الإيمانِ، ورافداً من اليقينِ لا ينقطعُ، فمثلُها تشكرُ وتُؤجرُ وتسعدُ في الدنيا والآخرةِ، وإذا لمْ تفعلْ هذا فما هو البديلُ إذنْ؟! التسخُّطُ والتضجُّرُ والاعتراضُ والرفضُ، ثم خسارةُ الدنيا والآخرةِ! « ».
عائض بن عبد الله القرني
حاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة الإمام الإسلامية
- التصنيف:
- المصدر: