نبذة عن حياة الشيخ علي الطنطاوي
منذ 2008-04-22
السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته،
الميلاد والنشأة:
ولد رحمه الله تعالى في مدينة دمشق في 23 جمادى الأولى 1327 هـ الموافق 12 يونيو 1909 م من أسرة علم ودين، فأبوه وجده وعمه شيوخ كبارٌ ومشاهير في عصورهم، ومنذ بداية حياته شهد له التاريخ كثيرًا من المواقف الجليلة التي تحني الكبار لها رؤسهم إجلالا.
التحق بكلية الحقوق التي تخرج فيها عام 1933 ثم عمل مدرسًا في العراق، ولما عاد إلى دمشق عمل قاضيا شرعيا، ثم درس في العراق سنة 1936، ورجع إلى بلده فلم يلبث أن التحق بالقضاء فكان قاضيًا شرعيًا، وقد تدرج في مناصب القضاء حتى وصل أعلى درجاته.
هاجر إلى السعودية وعمل بالكثير من الكليات في مكة والرياض، ثم تفرغ للدعوة مستفيدًا من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة، وكان لديه برنامج إذاعي يومي إسمه (مسائل ومشكلات) وبرنامج تلفزيوني أسبوعي بعنوان (نور وهداية).
الأدب الإسلامي:
إنّ الحديث عن الشيخ من ناحية الأدب سيطول ويطول... ولن ينتهي! فهو يعتبر بالفعل من مجددي الأدب الإسلامي في هذا القرن، كتب كثيرًا من الكتب في مواضيع شتى، وكان يكتب عن دمشق وعن حنينه إليها باستمرار مع أنّه زار معظم العواصم العربية والإسلامية، وكان مما كتب عنها:
"دمشق! وهل توصف دمشق؟ هل تصور الجنة لمن لم يرها؟ من يصفها وهي دنيا من أحلام الحب وأمجاد البطولة وروائع الخلود؟ من يكتب عنها ـ وهي من جنات الخلد الباقية ـ بقلم من أقلام الأرض فان؟
دمشق! التي يحضنها الجبل الأشم الرابض بين الصخر والشجر المترفع عن الأرض ترفع البطولة العبقرية الخاضع أمام السماء خضوع الإيمان الصادق.
دمشق! التي تعانقها الغوطة الأم الرؤوم الساهرة أبدًا، تصغي إلى مناجاة السواقي الهائمة في مرابع الفتنة، و قهقهة الجداول المنتشية من رحيق بردى الراكضة دائمًا نحو مطلع الشمس... ".
بجانب ذلك كله ـ والمزيد ـ فإنّ الشيخ رحمه الله تعالى يعد رمزًا من رموز الدعوة الإسلامية، وله سجل مشرف بخدمة الإسلام والمسلمين، وإنّ أسلوبه السهل الجميل المحبب إلى النفوس يوصف بالممتنع لأنّه يصعب تقليده... عبارات جذابة مشرقة، سهلة على العالم الكبير والقارئ البسيط على حدٍ سواء، هو يخلط الحكمة بالوصف بالجمال!
وكانت بداية انطلاقته الأدبية في صحف بلدته بالشام حيث احتل مكانة مرموقة فيها، وفي بعض كتاباته قال يخاطب نفسه الأمارة بالسوء:
"نعم... إنّ المرء لو قطعت يده أو رجله أو ذهب سمعه أو بصره، فلن تنقص نفسه شيئًا بل لقد يكون الأعمى الأصم أكمل نفسًا وأقوى عقلاً وأسمى روحًا من السميع البصير، وإنّك لتعلمين هذا ولكنك نفس سوءٍ تريدين الإستمتاع بشهواتك، ونحن لا نحيا لنيل الشهوات.
قالت النفس الفاجرة: إذن ولم نحيا أيتها النفس المفكرة؟ قالت: نحيا لكشف خبايا الوجود، لنستطلع طلع الكائنات، لنعرف نواميس الكون وأسرار الطبيعة ... من أجل هذا نحيا".
المرأة والأسرة:
رزق الشيخ خمسا من البنات كان لفقد إحداهن ـ بنان الطنطاوي ـ الأثر الكبير في نفسه، لكنه احتسبها عند الله تعالى وصبر على فراقها، وكان الطنطاوي رحمه المولى الرحيم مربيًا ناجحًا بكل المقاييس كما شهدت له بناته وأحفاده، وقد كان مع المرأة راقيًا حتى لقب بناصر المرأة.
اهتماماته وإنتاجه:
حمل الطنطاوي على كاهله راية الإصلاح الديني في الميادين كافة: التشريعي والسياسي والاجتماعي، فكان فيما يؤلف ويحاضر الداعية المسلم الذي يهجم على الخرافات والتقاليد البالية والسلوكيات المستوردة، فيصحح عقائد الناس ويقوِّم أخلاقهم، كما كان يتصدى لظلم رجال السلطان وأصحاب الدعوات الهدامة بمنطق الحق القويم وسلاسة الأسلوب وعذوبة العبارة مما قيض له قبولاً عند عامة النّاس، كما نصب له في الوقت نفسه كثيرًا من المعادين.
وكتبه في ميادين الإصلاح المختلفة كثيرة متعددة الاتجاهات تشهد له بعمق الفكرة وطول الباع وسلامة المنهج، وقد سبق زمانه في طروحاته الإصلاحية على صعيد التشريع والسياسة والاجتماع، ومن مؤلفاته:
رسائل الإصلاح/ بشار بن برد/ رسائل سيف الإسلام/ الهيثميات/ في التحليل الأدبي/ عمر بن الخطاب/ كتاب المحفوظات/ في بلاد العرب/ من التاريخ الإسلامي/ أبو بكر الصديق/ قصص من التاريخ/ رجال من التاريخ/ صور وخواطر/ في سبيل الإصلاح/ دمشق/ مقالات في كلمات/ الجامع الأموي/ في ِأندونيسيا/ ذكريات علي الطنطاوي.
نهايةٌ وفَقْد! رحيل الداعية والأديب علي الطنطاوي غرس جرحًا في قلب الأمة لن يندمل، فقد كان مثالًا للمسلم الغيور على دينه، الذي جمع بين الشهرة والتواضع والأدب والأخلاق والمواهب، وإنّا بفقدانه نفقد علمًا بارزًا من أعلام الدعوة والأدب الإسلامي، رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر... هذه سيرته فأين السائرون؟ وتلك مؤلفاته فأين القارئون؟ وتلك سبيله فأين المقتفون؟
الميلاد والنشأة:
ولد رحمه الله تعالى في مدينة دمشق في 23 جمادى الأولى 1327 هـ الموافق 12 يونيو 1909 م من أسرة علم ودين، فأبوه وجده وعمه شيوخ كبارٌ ومشاهير في عصورهم، ومنذ بداية حياته شهد له التاريخ كثيرًا من المواقف الجليلة التي تحني الكبار لها رؤسهم إجلالا.
التحق بكلية الحقوق التي تخرج فيها عام 1933 ثم عمل مدرسًا في العراق، ولما عاد إلى دمشق عمل قاضيا شرعيا، ثم درس في العراق سنة 1936، ورجع إلى بلده فلم يلبث أن التحق بالقضاء فكان قاضيًا شرعيًا، وقد تدرج في مناصب القضاء حتى وصل أعلى درجاته.
هاجر إلى السعودية وعمل بالكثير من الكليات في مكة والرياض، ثم تفرغ للدعوة مستفيدًا من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة، وكان لديه برنامج إذاعي يومي إسمه (مسائل ومشكلات) وبرنامج تلفزيوني أسبوعي بعنوان (نور وهداية).
الأدب الإسلامي:
إنّ الحديث عن الشيخ من ناحية الأدب سيطول ويطول... ولن ينتهي! فهو يعتبر بالفعل من مجددي الأدب الإسلامي في هذا القرن، كتب كثيرًا من الكتب في مواضيع شتى، وكان يكتب عن دمشق وعن حنينه إليها باستمرار مع أنّه زار معظم العواصم العربية والإسلامية، وكان مما كتب عنها:
"دمشق! وهل توصف دمشق؟ هل تصور الجنة لمن لم يرها؟ من يصفها وهي دنيا من أحلام الحب وأمجاد البطولة وروائع الخلود؟ من يكتب عنها ـ وهي من جنات الخلد الباقية ـ بقلم من أقلام الأرض فان؟
دمشق! التي يحضنها الجبل الأشم الرابض بين الصخر والشجر المترفع عن الأرض ترفع البطولة العبقرية الخاضع أمام السماء خضوع الإيمان الصادق.
دمشق! التي تعانقها الغوطة الأم الرؤوم الساهرة أبدًا، تصغي إلى مناجاة السواقي الهائمة في مرابع الفتنة، و قهقهة الجداول المنتشية من رحيق بردى الراكضة دائمًا نحو مطلع الشمس... ".
بجانب ذلك كله ـ والمزيد ـ فإنّ الشيخ رحمه الله تعالى يعد رمزًا من رموز الدعوة الإسلامية، وله سجل مشرف بخدمة الإسلام والمسلمين، وإنّ أسلوبه السهل الجميل المحبب إلى النفوس يوصف بالممتنع لأنّه يصعب تقليده... عبارات جذابة مشرقة، سهلة على العالم الكبير والقارئ البسيط على حدٍ سواء، هو يخلط الحكمة بالوصف بالجمال!
وكانت بداية انطلاقته الأدبية في صحف بلدته بالشام حيث احتل مكانة مرموقة فيها، وفي بعض كتاباته قال يخاطب نفسه الأمارة بالسوء:
"نعم... إنّ المرء لو قطعت يده أو رجله أو ذهب سمعه أو بصره، فلن تنقص نفسه شيئًا بل لقد يكون الأعمى الأصم أكمل نفسًا وأقوى عقلاً وأسمى روحًا من السميع البصير، وإنّك لتعلمين هذا ولكنك نفس سوءٍ تريدين الإستمتاع بشهواتك، ونحن لا نحيا لنيل الشهوات.
قالت النفس الفاجرة: إذن ولم نحيا أيتها النفس المفكرة؟ قالت: نحيا لكشف خبايا الوجود، لنستطلع طلع الكائنات، لنعرف نواميس الكون وأسرار الطبيعة ... من أجل هذا نحيا".
المرأة والأسرة:
رزق الشيخ خمسا من البنات كان لفقد إحداهن ـ بنان الطنطاوي ـ الأثر الكبير في نفسه، لكنه احتسبها عند الله تعالى وصبر على فراقها، وكان الطنطاوي رحمه المولى الرحيم مربيًا ناجحًا بكل المقاييس كما شهدت له بناته وأحفاده، وقد كان مع المرأة راقيًا حتى لقب بناصر المرأة.
اهتماماته وإنتاجه:
حمل الطنطاوي على كاهله راية الإصلاح الديني في الميادين كافة: التشريعي والسياسي والاجتماعي، فكان فيما يؤلف ويحاضر الداعية المسلم الذي يهجم على الخرافات والتقاليد البالية والسلوكيات المستوردة، فيصحح عقائد الناس ويقوِّم أخلاقهم، كما كان يتصدى لظلم رجال السلطان وأصحاب الدعوات الهدامة بمنطق الحق القويم وسلاسة الأسلوب وعذوبة العبارة مما قيض له قبولاً عند عامة النّاس، كما نصب له في الوقت نفسه كثيرًا من المعادين.
وكتبه في ميادين الإصلاح المختلفة كثيرة متعددة الاتجاهات تشهد له بعمق الفكرة وطول الباع وسلامة المنهج، وقد سبق زمانه في طروحاته الإصلاحية على صعيد التشريع والسياسة والاجتماع، ومن مؤلفاته:
رسائل الإصلاح/ بشار بن برد/ رسائل سيف الإسلام/ الهيثميات/ في التحليل الأدبي/ عمر بن الخطاب/ كتاب المحفوظات/ في بلاد العرب/ من التاريخ الإسلامي/ أبو بكر الصديق/ قصص من التاريخ/ رجال من التاريخ/ صور وخواطر/ في سبيل الإصلاح/ دمشق/ مقالات في كلمات/ الجامع الأموي/ في ِأندونيسيا/ ذكريات علي الطنطاوي.
نهايةٌ وفَقْد! رحيل الداعية والأديب علي الطنطاوي غرس جرحًا في قلب الأمة لن يندمل، فقد كان مثالًا للمسلم الغيور على دينه، الذي جمع بين الشهرة والتواضع والأدب والأخلاق والمواهب، وإنّا بفقدانه نفقد علمًا بارزًا من أعلام الدعوة والأدب الإسلامي، رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر... هذه سيرته فأين السائرون؟ وتلك مؤلفاته فأين القارئون؟ وتلك سبيله فأين المقتفون؟
المصدر: منقول
- التصنيف: