فعالية الدعاء - شبهات وردود
من اللادينيين من يتبنى فكرة أن تأثير الدعاء وهمٌ وليس حقيقي. وهذه الشبهة يقع فيها هذه النوعيات من البشر كلٌ متأثر بشبهته:
1- من يظن أن الدعاء ما هو إلا كلامُ يشتد إيمان الإنسان.. بأن له تأثير فيتوهم تأثيراً ليس له وجود على أرض الواقع.
2- من يظن أن الدعاء يدفع الإنسان ليجعل ما دعا الله به ماضياً، فيتوهَّم أنه قد استُجيب فعلاً.
3- من يُنكِر الدعاء بحجة أن كل شيء له سببه المعروف.
4- من ألقاه كِبره في وهمٍ حقيقي بأن تأثير الدعاء هو ملهاة للدهماء، أما ذوي النُّهى فإنهم يعلمون أنه إن هو إلا وهمٌّ كبير.
5- من يستحوذ عليه العطب في التفكير فيفهم الدنيا بشكلٍ مادي بحت "لها علاقة بالشبهة رقم 3".
6- من لا يفهم قضية الجبر والاختيار فيتسرَّع بقوله: أنه جفَّت الأقلام وطُوِيَت الصحف فما فائدة الدعاء إذن؟!
الرد على تلك الشبهات:
1- لنتخيل اثنين من الناس أحدهما مسلماً والآخر بوذياً.. وكل منهما مريضٌ بنفس المرض، ولكن المسلم دعا الله بالشفاء بينما دعا البوذي بوذا بالشفاءِ أيضاً.ز والنتيجة أنه قد شُفي الاثنان.
أقول: أن هذا ليس دليلاً عملياً أن الدعاء ليس له قيمة بينما تكون رغبة الإنسان في الشفاء هي المؤثرة، ولكن الدليل العملي يكون إن كرَّرنا هذه التجربة مراتٍ عديدة، فإن كانت نسبة عدد من يُشفون بدعاء الله مساوية لمن يشفون بدعاء بوذا لكان الاستنتاج بأن الدعاء فعلاً غير مؤثر له وزن علمي. أما إن تفوَّقت نسبة الذين يُشفون بدعاء الله تعالى على الآخرين فإن الدعاء له قيمة وتأثير..
ولكن دعني أسأل المنكرين سؤالاً: هل قمتم بعمل هذه التجربة؟! فإن كان الجواب لا فالشبهة غير ذات قيمة.
2- هذا كلام يتعرَّض لحالاتٍ خاصةٍ جداً.. وهي أن يكون المدعو به في مقدرة الإنسان، ولكن يطرح سؤالٌ نفسه هاهنا! لماذا لم يفعل الإنسان بنفسه هذا العمل إذا كان في متناول يديه.. لا بد أن غالبية من يدعون الله بأمرٍ مُعيِّن خبِروا صعوبة أو استحالة عملية للمدعو به في ظل إمكاناتهم من تحقيق هذا الأمر!
3- إن التفكير والتأمُّل في ذواتنا يؤكدان أننا ليس لنا في هذه الدنيا إلا حرية الإرادة فقط لا غير. فإننا حتى لا نستطيع أن نعلم كيف نُحرِّك أيدينا أو أرجلنا وإنما نراهم أمراً عادياً لأننا اعتدنا على أن نريد تحريكهما فيتحرَّكون. أما إن صادفك من باستطاعته أن يُحرِّك أذنه -يوجد من الناس من يمتلك هذه القدرة- وسألته كيف تُحرِّكها كي أفعل مثلك... سينظر لك بحيرةٍ ويقول: "لا أعلم، إنما أردت أن يتحرَّكا فتحرَّكا!" لا بد وأنه يوجد من حرَّكهما لي عندما أردت تحريكهما. من هو؟ هو الله الحي القيوم.
فإن حاجك أحد بأنه ثمةَ نبضة عصبية خرجت من نقطةٍ ما في دماغك عند رغبتك! فقل له: ولماذا هذه النبضة بالذات وليست غيرها هي التي انطلقت.. لا بد من وجود من أطلقها! وبالتأكيد لسنا نحن من أطلقناها، نحن أردنا وحسب فعل التحريك والله تعالى قد خلقه لنا.
فإذا ثبت لنا هذا عن طريق تأمُّلنا في ذواتنا، فلماذا نستبعِد استجابة الله لأمر ما نرغبه خارج حدود جسدنا؟! إنهما ينتسبان إلى نفس المبدأ وهو امتلاك الإنسان فقط حرية التفكير والإرادة والدعاء وأنه ما من شيء يتحول إلى واقع ملموس إلا أن يكون فعلاً لله تعالى.
4- إنه هو الذي في وهمٍ كبيرٍ فمَن لا يؤمن بتأثير الدعاء الحقيقي لا يؤمن بوجود الله الحي القيوم الذي يُجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.. فمن غير المعقول وجود ربُّ إله يترك عباده هملًا إذا استغاثوا به. ولا يخفى أنه من لا يؤمن بوجود الله هو أحمق الحمقى فهو لا يؤمن بأكثر الحقائق بداهةً في الوجود!
5- من يستحوذ عليه التفسير المادي للكون هو إنسان متأخر أكثر من قرنٍ كامل عن ركب العلم! فإن العلم قد نبذ من زمنٍ بعيد افتراضية أنه لا موجود إلا أن يُرى ويُحس. وإن شاء أن يتعلَّم فليدرس علم الفيزياء من بعد 1905م حتى الآن.
6- إن من يعتقد ذلك يتكايس في محل يثبت فيه أنه ليس بكيِّس. فإن الله تعالى غير محكومٍ بزمانٍ.. لأن الزمان مخلوق له سبحانه، وبالتالي فإن دعاء الشخص ربه قدرٌ كما أن استجابة الله لدعاء نفس الشخص هو قدرٌ أيضاً! وبالتالي فإن الله تعالى يُرتِّبُ أقداراً على أقدار.
ولك هذا السؤال وإجابته إيها القارئ الكريم هدية مني:
السؤال:
ظهرت نتيجة امتحان طالب في الجامعة وعُلِّقت على الحوائط.. وانتهى الأمر، ولكنه لم يعلم النتيجة بعد. فهمَّ بالذهاب للجامعة لمعرفتها. هل يدعو الشخص أثناء رحلته من البيت إلى الجامعة ربه بالنجاح؟!
الجواب:
نعم يدعوه، لأنه من الجائز جداً منطقياً أن يكون الله تعالى قد وفَّق هذا الطالب في الاختبار بناءاً على دعائه الذي سيدعوه بعد أن تظهر النتيجة!
والله أعلم.
أحمد كمال قاسم
كاتب إسلامي
- التصنيف: