صناعة العلماء - (7) الأمل والألم
الفرق كبير والبون شاسع بين اليأس والأمل، وفرق بين من عاش بروح التفاؤل والامل ومن بات ضحية القنوط والإنهزامية، والأمل في أمتنا الإسلامية كبير. هنا تلخيص لما جاء في هذه الحلقة
بسم الله الرحمن الرحيم
د. صلاح:
كنا نتحدث عن الألم وبدأنا نتحدث عن جوانب من الأمل، والشواهد التاريخية كثيرة، فلا بد أن نعرف الألم ولا بد في الوقت ذاته أن نستصحب الأمل.
د. راغب:
نحن نرى الأمل في كل فترات الأمة حتى في أشد لحظات الضعف التي تمر بها الأمة.
وسأستشهد بموقف رسول الله صل الله عليه وسلم مع خباب بن الأرت رضي الله عنه عندما قال له: "إلا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ إلا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟..."، فإذا برسول الله يغضب، واحمر وجهه ثم قال: «
»فقارن الرسول صلى الله عليه وسلم وضع خباب بوضع التاريخ الذي قبله. وغضب لأنه اشتم رائحة يأس في كلام خباب وغير مسموح للمسلم أن ييأس ولهذا أخبره بأمرين، فذكَّره بالتاريخ لأنه جزء رئيسي لبناء الفرد المسلم والمجتمع، ثم يخبره بالمستقبل والوعد الذي يعده به: «البخاري).
» (فبعد كل هذا الألم والتعب يكون خباب مستعجل، فماذا نقول عن أنفسنا نحن ونحن لم نرى ما رآه خباب الذي رأى الرسول أنه قليل بالقياس على ما حدث فيما سبق في التاريخ.
د. صلاح:
وكذلك حديث عدي بن حاتم، عندما أتى رجال للنبي صلى الله عليه وسلم يشكون فنجد أن الرسول في هذا الحديث بَشرهم بالسلطة ثم الانتعاش الاقتصادي ثم الأمن، وهذه البشارات النبوية لا بد أن تستقر في الأعماق، ونحن عندما نصنع علماء ربانيين نقول أن العالِم دائمًا عنده الأمل ويبث هذا الأمل لمن حوله.
د راغب:
المشكلة أنه أحيانا هذا العالِم يكون هو المُحبَط ويوسع الفجوة التي بيننا وبين غيرنا، ويبث جلد الذات في نفوس الناس.
لننظر فقط إلى حالنا منذ 7 سنوات، ما عدد القنوات الفضائية التي كانت تتكلم عن الإسلام؟! كان نادرًا ما تجد برنامج إسلامي مدته 10 دقائق ويتكلم بصورة جيدة عن الدين، لكن وجود الخير الآن وبهذا الكم من الفضائيات الإسلامية ملمح لا بد أن نقف أمامه وقفة أمل ونرفع الرأس ونسعد ونطمئن لدين رب العالمين سبحانه وتعالى.
فهذا التنوع من العلماء والفضائيات يجعل كل المسلمين يشاهدون البرامج الإسلامية.
وكذلك دخول المواقع الإسلامية الآن إلى كل بيت رغم أنف العالم أجمع ، وبرغم كل الحصار والإحاطة والإرهاب السياسي والعسكري.
د. صلاح:
فهذا الخير أثر في المسلمين أولًا ثم غير المسلمين ثانيًا، وأصبحت الفضائيات والإنترنت عامل جديد وقوي جدًا والآن تستطيع وأنت تجلس في بيتك أن تخاطب الناس في بلاد شتى.
د. راغب:
أتخيل أنه لو أحد السلف موجود الآن ويرى هذه الثورة ماذا سيفعل للدين في هذا الوقت، أذكر مجالس ابن الجوزي وابن تيمية، التي كان الحضور فيها يصل في بعض الأحيان إلى 100 ألف شخص فكان عندما يتكلم العالِم وينتهي من جملة واحدة كان عليه أن ينتظر وقتًا لأن الناس كانوا يوصلوا الكلام إلى بعضهم البعض إلى أن تصل الجملة إلى الـ 100 ألف شخص.
أما في وقتنا هذا فيمكن أن يصل الكلام إلى الملايين وأنت جالس في بيتك، فهذا شيء مذهل وهذا تقدم نسعد أن ربنا سبحانه وتعالى مَنَّ علينا به في هذه الآونة.
وكذلك هناك الكثير من شواهد الأمل عن تطور الإسلام والجاليات المسلمة وحالة المسلمين في بلاد الغرب.
د. صلاح:
أذكر دارسة علمية في أمريكا قالت إن المساجد تزيد من حيث المباني وإنشاء مراكز إسلامية بنسبة 300 %، والأجمل من هذا هو الأنشطة التي تحدث داخل المساجد وتذكرنا بالمراكز الإسلامية الأولى أيام الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأصبحت دعوة غير المسلمين في أكتر من 77% من هذه المراكز وعدد كبير جدًا يدخلون في الإسلام، حتى أن الحكومة الأمريكية أعلنت على صفحاتها على الإنترنت أن الإسلام أكثر الديانات نموًا في الولايات المتحدة.
إن صناعة العلماء الربانين تكون بالأمل وأن يصبح كل أب وأم بداخلهم هذا الأمل.
لسماع هذه الحلقة: الأمل والألم
راغب السرجاني
أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.
- التصنيف:
- المصدر: