صناعة العلماء - (30) خاتمة

منذ 2014-05-24

تتناول هذه الحلقة أهم المحطات التي تم تناولها خلال البرنامج والتي تهدف إلى بناء خير أمة من خلال علمائها، من خلال عرض مظاهر الأمل والألم في حياة العلماء للوصول إلى العالم الرباني، الذي يرفع راية الإسلام... وهنا ملخص لما جاء في هذه الحلقة.

بسم الله الرحمن الرحيم

د. صلاح:

طرحنا العديد من المحاور وبدأنا بعرض أزمة العلم الشرعي في واقعنا المعاصر، وكنا نعرض الألم ونعطي صورًا من الأمل حتى لا ييأس أحد أبدًا ثم نقدم رؤية للعمل.

 

د. راغب:

وأزمة العلم الشرعي كان لها ثلاثة محاور رئيسية:
- المحور الأول هو مشكلة انفصال العلماء عن واقعهم، وذكرنا أبواب هذه الظاهرة وطرق علاجها.
- ثم الصراع بين العلماء ولعل مرجعها كان إلى الحسد أو إلى التنافس على الدنيا.
- ثم التجارة بالعلم وبغية تحصيل المال على حساب العلم المُحصَّل.
وهذه الأزمات إن وجدت في عالم فهي تنفيه كليةً عن المهمة التي من أجلها أصبح عالمًا، وبالتالي يؤثّر هذا الوضع عليه وعلى الأمة بكاملها.

 

د. صلاح:

وقد يتصور البعض أن العلوم الشرعية هي المبتغى الوحيد في الفكر الإسلامي، وقلنا أنه يجب إعداد الأمة، وابتغائها العلوم الشرعية لا يجوز أن يصرفها عن العلوم الحياتية.

فالأمة لا بد أن يكون لها المستوى المتميز من العلوم الحياتية من الطب والفلك والهندسة والكيمياء وما إلى ذلك من العلوم.

إننا بحاجة إلى أن نتحول فعليًا، وكما يوجد منح دراسية لطلاب العلم الشرعي فلا بد أن يكون هناك بالتوازي منح دراسية لطلاب العلم الحياتي، وكما نبني المساجد علينا أن نبني المعامل.

وتطرقنا إلى هجرة واستنزاف العلماء في الخارج الذي يُعرِّض الأمة الإسلامية إلى التدمير لأن العقول الأساسية للتعمير غير موجودة بها ويقومون بالتعمير في الغرب.

واقترحنا إيجاد مؤسسات في الدولة، إن لم تكن من الدولة فتكون من الاقتصاديين تقوم على استعادة هذه الكنوز الكبرى في استعادة البناء الحضاري للأمة الإسلامية.

 

د. راغب:

وطرحنا مشكلة الأمية وخطورتها وأننا نُهدر طاقات الأمة وبذلك نفقد الإبداع في ثلث الأمة، وطرحنا بعض الحلول لمعالجة الأمية وأنها ليست فقط عن طريق الدولة أو عن طريق التيارات الإسلامية، لكننا عن طريق الشعب بكامله.

 

د. صلاح:

وقدمنا رؤية عن نموذج العالِم الرباني من حيث صفاته، وأنه يجب أن يكون شديد الإخلاص لله، ويكون لديه الصلة بالله سبحانه وتعالى، لأن الخواء الروحي هو السبب في الصراع بين العلماء وفي انفصاله عن الواقع وفي حسد غيره من العلماء وفي التجارة بالعلم.

 

د. راغب:

وذكرنا أن الإخلاص يُزرع في القلب بسبب الدوام على قيام الليل وقراءة القرآن والذكر لله سبحانه وتعالى ودوام التفكُّر في خلق الله عزَّ وجلَّ.

وأيضا الأمانة من الأخلاق التي يجب أن يتصف بها العلماء، وخاصة الأمانة العلمية بنسبه القول إلى صاحبه وذكر محاسن العلماء وذكر الرأي الآخر ، ومن الأمانة أن يُوصِل الكلمة إلى أهلها وأن يقول كلمة الحق ولو تعرض للأذى.

 

د. صلاح:

وتكلمنا عن الصبر عن المحرمات والمباح، والصبر على فتنة الإيذاء والإغواء، وكذلك صبر المُعلِم والصبر على الرحلة الطويلة في طلب العلم والصبر على البعد عن أهله وكل ذلك ليُفرِّغ نفسه لطلب العلم ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى.

 

د. راغب:

والعالِم لا بد أن يحرص على زرع الأمل في نفسه ونفوس الناس، ولو كان فاقدًا للأمل فكيف يزرعه في نفوس الناس!

 

د. صلاح:

وتكلمنا عن العلاقة المتوترة بين العلماء والحكام سواء في الإهمال أو الإيذاء أو الهجوم على الحكام أو في التزلف والنفاق، وأنه لا بد أن يُعاد بناء هذه العلاقة على النصح وكذلك أن يترفق العالِم بالحاكم ويقدم له النصح ويُظهر الحق ولا يخشى في الله لومة لائم، والأصل في العالِم أن يتعزز ويتعفف ليبقى قويًا في كلمة الحق، وحاولنا أن نبني جسرًا بين العلماء والأمراء والحكام.

وكان خطابنا موجهًا إلى كل أبناء الأمة الإسلامية والأم والأب والمعلم والمعلمة والإداريين والاقتصاديين والحكام والوزراء، فكلٌّ له سهم وكلٌ على ثغر ويستطيع أن يساهم في بناء العلماء ذوي النبوغ العلمي والعلماء الربانيين.
والنقطة المحورية هنا أن البداية تبدأ من عموم الأمة، لكن هذا لا يُعفي أصحاب النفوذ والسلطة لأنه بقرارٍ واحد يستطيعوا أن يغيروا المسار تمامًا.
 
د. راغب:

وذكرنا أن العلم يبني كل الأمم حتى الأمم غير الإسلامية تقدمت بالعلم.

 

د. صلاح:

ولا يخالجنا أدنى شك أن الغد للإسلام، لكننا سنجاهد لننتقل من ميدان القول إلى ميدان العمل ومن ميدان العمل إلى ميدان الجهاد لصناعة العلماء والجهاد الحق بإذن الله تبارك وتعالى.

 

 


لسماع هذه الحلقة: الحلقة الختامية

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

المقال السابق
(29) صفات العالِم الرباني 5: الصبر