لا تحزن - أيُّها الإنسان (2)

منذ 2014-05-29

اطمئنَّ: فإنَّ العواقب حسنةٌ، والنتائج مريحةٌ، والخاتمة كريمةٌ، بعد الفقرِ غِنَّى، وبعد الظَّمأ رِيٌّ، وبعد الفراقِ اجتماعٌ، وبعد الهجْر وَصْلٌ، وبعد الانقطاعِ اتِّصالٌ، وبعد السُّهادِ نومٌ هادئٌ، {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}.

اطمئنَّ: فإنك تتعاملُ مع غالبٍ على أمرِهِ، لطيفٍ بعبادِه، رحيمٍ بخْلقِهِ، حسنِ الصُّنعِ في تدبيرِهِ.
اطمئنَّ: فإنَّ العواقب حسنةٌ، والنتائج مريحةٌ، والخاتمة كريمةٌ.
بعد الفقرِ غِنَّى، وبعد الظَّمأ رِيٌّ، وبعد الفراقِ اجتماعٌ، وبعد الهجْر وَصْلٌ، وبعد الانقطاعِ اتِّصالٌ، وبعد السُّهادِ نومٌ هادئٌ، {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}.

لمعتْ نارُهُم وقْد عسْعَسَ الليـلُ *** وملَّ الحادي وحار الدَّلِيلُ
فتأمَّلتُها وفِكْري من البيْـنِ *** عليلٌ وطرْفُ عيني كلِيلُ
وفؤادي ذاك الفؤادُ المعنَّى *** وغرامي ذاك الغرامُ الدَّخِيلُ
وسألْنا عن الوكيلِ المرجَّى *** للمُلِمَّاتِ هل إليهِ سبيلُ ؟
فوجدْناه صاحب المُلْكِ طُرّاً *** أكرم المُجزِلِين فردٌ جليلُ

أيُّها المعذَّبُون في الأرضِ، بالجوعِ والضَّنْكِ والضَّنى والألمِ والفقْرِ والمرضِ، أبشرُوا، فإنكم سوف تشبعون وتسعدون، وتفرحون وتصِحُّون، {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ . وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ}.

فلابُدَّ لِلَّيلِ أنْ ينجلِيْ *** ولابدَّ للقيْدِ أنْ ينكسِرْ
ومنْ يتهيَّبْ صُعُود الجبالِ *** يعِشْ أبد الدَّهْرِ بين الحُفرْ

وحقٌّ على العبدِ أن يظُنَّ بربِّه خيراً، وان ينتظر منهُ فضلاً، وأنْ يرجُو من مولاهُ لُطفاً، فإنَّ منْ أمرُه في كلمةِ (كُن)، جديرٌ أنْ يُوثق بموعودِهِ، وأنْ يُتعلَّقَ بعهودِهِ، فلا يجلبُ النفع إلا هو، ولا يدفع الضُّرَّ إلا هو، ولهُ في كلِّ نفسٍ لُطفٌ، وفي كلِّ حركةٍ حكمةٌ، وفي كلِّ ساعةٍ فَرَجٌ، جعل بعدَ الليلِ صُبحاً، وبعد القحْطِ غَيْثاً، يُعطي ليُشْكر، ويبتلي ليعلم من يصْبِرُ، يمنحُ النَّعْماء ليسمع الثَّناء، ويُسلِّطُ البلاء ليُرفع إليه الدُّعاءُ، فحريٌّ بالعبدِ أن يقوِّي معه الاتِّصال، ويُمدَّ إليه الحبال، ويُكِثرُ السؤال {وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ}، {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً}.

لو لمْ تُرِدْ نيْل ما أرجو وأطْلُبُهُ *** مِن جُودِ كفِّك ما علَّمْتني الطَّلبا

انقطع العلاءُ بنُ الحضرميِّ ببعضِ الصحابةِ في الصحراءِ، ونفِد ماؤُهم، وأشرفُوا على الموتِ، فنادى العلاءُ ربَّه القريب، وسأل إلهاً سميعاً مجيباً، وهتف بقولِهِ: يا عليُّ يا عظيمُ، يا حكيمُ يا حكيمُ. فنزل الغيثُ في تلك اللحظةِ، فشربُوا وتوضؤوا، واغتسلوا وسَقوْا دوابَّهم. {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}.
 

  • وقفةٌ: محبَّةُ اللهِ تعالى، ومعرفُته، ودوامُ ذِكْرِه، والسُّكُونُ إليه، والطمأنينةُ إليه، وإفرادُه بالحُبِّ والخوفِ والرجاءِ والتَّوكُّلُ، والمعاملةُ، بحيثُ يكون هو وَحْدَهُ المستولي على همومِ العبدِ وعزماتِه وإرادتِه. هو جنَّةُ الدنيا، والنعيمُ الذي لا يُشبِههُ نعيمٌ، وهو قُرَّة عينِ المُحِبين، وحياةُ العارفين.

    تعلُّقُ القلبِ باللهِ وحدهُ واللَّهجُ بذِكرِهِ والقناعةُ: أسبابٌ لزوالِ الهمومِ والغمومِ، وانشراحُ الصدرِ والحياةُ الطَّيِّبة. والضِّدُّ بالضِّدِّ، فلا أضْيقُ صدراً، وأكْثَرُ همّاً، ممَّنْ تعلَّق قلبُه بغيرِ اللهِ، ونسي ذِكْر اللهِ، ولم يقْنَعْ بما آتاهُ اللهُ، والتَّجرِبةُ أكبرُ شاهدٍ.

عائض بن عبد الله القرني

حاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة الإمام الإسلامية

المقال السابق
أيُّها الإنسان (1)
المقال التالي
تعزَّ بالمنكوبين (1)