لا تحزن - تعزَّ بالمنكوبين (3)
سجنَ أحدُ ملوكِ فارس حكيماً منْ حكمائِهمْ، فكتب لهُ رقعةً يقولُ: إنها لنْ تمُرَّ عليَّ فيها ساعةٌ، إلا قرَّبتْني من الفرجِ وقرَّبتْك من النِّقمةِ، فأنا أنتظرُ السَّعة، وأنت موعودٌ بالضيِّقِ.
قيل ليحيى بن خالدٍ البرمكيِّ: أرأيت هذه النكْبة، هل تدري ما سببُها؟ قال: لعلَّها دعوةُ مظلومٍ، سرتْ في ظلامِ الليلِ ونحنُ عنها غافلون.
ونُكب عبدُالله بنُ معاوية بنِ عبدِاللهِ بنِ جعفر، فقال في حبْسهِ:
خَرَجْنَا من الدنيا ونحنُ مِن أهلِها *** فلسْنا مِن الأمواتِ فيها ولا الأحياء
إذا دخل السَّجانُ يوماً لحاجةٍ *** عجِبْنا وقلنا : جاء هذا من الدُّنيا
ونفرحُ بالرُّؤْيا فجُلُّ حديثِنا *** إذا نحنُ أصبحنا الحديث عن الرُّؤْيا
فإنْ حسُنتْ كانتْ بطيئاً مجيئُها *** وإنْ قبُحتْ لم تنتظر وأتتْ سعيا
سجنَ أحدُ ملوكِ فارس حكيماً منْ حكمائِهمْ، فكتب لهُ رقعةً يقولُ: إنها لنْ تمُرَّ عليَّ فيها ساعةٌ، إلا قرَّبتْني من الفرجِ وقرَّبتْك من النِّقمةِ، فأنا أنتظرُ السَّعة، وأنت موعودٌ بالضيِّقِ.
ويُنكبُ ابنُ عبَّادٍ سلطانُ الأندلسِ، عندما غلب عليه الترفُ، وغلب عليهِ الانحرافُ عنِ الجادَّةِ، فكثرُتِ الجواري في بيتهِ، والدُّفوفُ والطَّنابيرُ، والعزْفُ وسماعُ الغناءِ، فاستغاث يوماً بابن تاشفين – وهو سلطانُ المغربِ – على أعدائِهِ الروم في الأندلسِ، فعبر ابنُ تاشفين البحر، ونصرَ ابن عبَّادِ، فأنزلهُ ابنُ عبَّادٍ في الحدائقِ والقصورِ والدُّورِ، ورحَّب به وأكرمه. وكان ابنُ تاشفين كالأسدِ، ينظرُ في مداخلِ المدينة وفي مخارجِها، لأنَّ في نفسه شيئاً.
وبعد ثلاثةِ أيام هجم ابنُ تاشفين بجنودِه على المملكةِ الضعيفةِ، وأسر ابن عبَّادٍ وقيَّده وسَلَبَ مُلكه، وأخذ دُوره ودمَّر قصوره، وعاث في حدائقِهِ، ونَقَلَهُ إلى بلدِه (أغماتٍ) أسيراً، {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}. فتقلَّد ابنُ تاشفين زِمام الحُكمِ، وادعى أنَّ أهل الأندلسِ همُ الذين استدعوْه وأرادوه.
عائض بن عبد الله القرني
حاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة الإمام الإسلامية
- التصنيف:
- المصدر: