«لا يُسلِمه»
في هذه الفترة العصيبة التي تمرُّ بها الأمة العربية عامة، والمصرية خاصة، ما أكثر الذين يتملقون إلى من لا يرقبون في مؤمن إلَّا ولا ذمة بظلم إخوانهم، وإلصاق التهم بهم. وهي مهنة خسيسة يعدها بعضهم شهامة، ويعدها بعضهم واجبًا وطنيًا، وآخرون يعدونها قربة يتقرَّبون بها إلى الله تعالى!
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وبعد..
قد يعجز الإنسان عن فعل الخير أحيانًا، لكن يمكنه الإمساك عن الشر فهذا من الخير كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر يحثه على فعل الخير: ".... فإن لم أَسْتَطِعْ، قال: «
»" (رواه أحمد).في هذه الفترة العصيبة التي تمرُّ بها الأمة العربية عامة، والمصرية خاصة، ما أكثر الذين يتملقون إلى من لا يرقبون في مؤمن إلَّا ولا ذمة بظلم إخوانهم، وإلصاق التهم بهم.
وهي مهنة خسيسة يعدها بعضهم شهامة، ويعدها بعضهم واجبًا وطنيًا، وآخرون يعدونها قربة يتقرَّبون بها إلى الله تعالى!
وغاب عنهم قول الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة من الآية:71] أي يتعاونون ويتناصرون فيما يبنهم.
فإذا ما عجز المرء عن المعاونة والنصرة، فلا يكن سببًا في الخذلان ولا في الأذى كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «البخاري ومسلم وغيرهما بألفاظٍ مختلفة).
» (رواهويحضرني في هذا المقال قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث عمدة في هذا الباب: « » (رواه البخاري ومسلم).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرح رياض الصالحين -بتصرُّف-:
"لا يظلمه لا في ماله، ولا في بدنه، ولا في عِرضه، ولا في أهله، يعني لا يظلمه بأي نوع من الظلم، ولا يُسلِمه يعني لا يُسلِمه لمن يظلمه، فهو يدافع عنه ويحميه من شره، فهو جامع بين أمرين:
الأمر الأول: أنه لا يظلمه.
والأمر الثاني: أنه لا يُسلِمه لمن يظلمه بل يدافع عنه.
ولهذا قال العلماء رحمهم الله: يجب على الإنسان أن يدافع عن أخيه في عِرضه وبدنه وماله. في عِرضه: يعني إذا سمع أحدًا يسبه ويغتابه، يحب عليه أن يدافع عنه. وكذلك أيضًا في بدنه: إذا أراد أحد أن يعتدي على أخيك المسلم وأنت قادر على دفعه، وجب عليك أن تدافع عنه، وكذلك في ماله: لو أراد أحد أن يأخذ ماله، فإنه يجب عليك أن تدافع عنه. ويُفهم من ذلك أن الإنسان إذا ظلم أخاه؛ فإن أخوته ناقصة، وإذا أسلَمه إلى من يظلمه؛ فإن أخوته ناقصة" أهـ.
وأي نقص أعظم من تسبب الإنسان ظلم أخيه.. أو حرمانه من ولده.. أو فصله من عمله؟
وإذا ما تأمَّل الإنسان في النصوص الشرعية، يعلم أن الإنسان منهي وهو في حالة الضراء، عن تسليم المسلم لمن يظلمه، فكيف به وهو في حالة الرخاء؟
ورد في قصة أصحاب الأخدود في حديث الملك والساحر والغلام والراهب حينما قال الراهب للغلام: "وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل عليَّ". هذا في حالة الكره، التي قد يُعذر الإنسان فيها من الله تعالى، فما بالك إذا كان الظلم من الرجل لأخيه، وتسليمه لمن يظلمه طواعية، فما عذره عند ربه؟!
وفي الختام: لا يفوتني أن أوجه رسالة لظالم ومظلوم..
أيها الظالم: اتقِ دعوة المظلوم فليس بينها وبين الله حجاب.
وما ظنك بدعوة سرت بليل فقوبلت بـ «
» (رواه المنذري في الترغيب والترهيب).وإذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكَّر قدرة الله عليك.
وإلى أعوان الظلمة نقول لهم: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [هود:113].
وإلى كل مظلومٍ على وجه الأرض نقول: اصبر فإن بعد العُسر يُسرًا.
وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وسلم..
أحمد رشيد
داعية و إمام بوزارة الأوقاف المصرية