الدعاء مُتمِّمٌ للعمل
نرى اليوم الكثير من المسلمين يدعون الله ولا يعملون كل ما في وسعهم مع الدعاء ويتوقعون إجابة الدعاء بلا عمل. بل ويكون الدعاء كالمخدر الذي يوهمه أنه قد فعل كل ما عليه وتوكل على الله. وهذا خداع تلجأ له النفس البشرية حتى لا تشعر بالتقصير نتيجة عدم الأخذ بالأسباب.
لقد أصاب المسلمين في هذا العصر الضعف والوهن وذلك نتيجة ترك منهج الله تعالى عمدًا أو جهلًا، فهناك الكثير من الأخطاء في فِكر الكثير من مسلمي هذا العصر..
منها -على سبيل المثال لا الحصر-:
1- الاهتمام بأجزاء من المنهج الإسلامي وترك باقيه وكأنه غير موجود.
2- عدم التدبُّر في آيات الله في الكون أو في كتابه الكريم.
3- الأخذ بالدعاء دون العمل.
وقد تكون بعض الأخطاء نتيجة للأخرى فمثلًا الخطأ الثالث عادة ما يكون نتيجة للخطأ الأول.
وفي هذه المقالة سوف نُركِّز على خطأ الأخذ بالدعاء دون العمل.
أهمية الدعاء:
لقد أمرنا الله بالدعاء والكثير من العبادات مثل الصلاة هي صور من الدعاء.. بل إن ترك الدعاء فيه وعيد شديد من الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60].
والدعاء هو صلة مباشرة بين العبد وربه لا وسيط فيها وهي أرفع درجات العبادة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (الراوي: - المُحدِّث: الشوكاني - المصدر: الفتح الرباني - الصفحة أو الرقم: [11/5326] خلاصة حكم المُحدِّث: متواتر).
الاستجابة والتلبية:
إن الاستجابة مختلفة عن التلبية، إن التلبية تعني التنفيذ دون أي تفكير.. أما استجابة الله تعالى للدعاء فمعناها تحقيق الدعاء بالشكل الذي يراه الله مناسب للعبد وليس بالضروري أن يكون بالشكل الذي طلبه العبد.
ونعوذ بالله أن نظن أن الله يُلبي لنا ما ندعو سبحانه وتعالى إنما يستجيب الله الدعاء إن شاء ويُحققه بالشكل الذي يشاء في الوقت الذي يشاء، ولذلك فعلى الإنسان الذي يدعو أن يعلم هذه الحقيقة الواضحة ولا يستعجل إجابة الدعاء ولا يتوقع أن الاستجابة يجب أن تكون كما دعى.
ونذكر هنا حديثًا نبويًا رائعًا عن الرسول صلى الله عليه وسلم: "شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال: « » (الراوي: خباب بن الأرت رضي الله عنه، المُحدِّث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: [6943]، خلاصة حكم المُحدِّث: صحيح).
لاحظ أنه صلى الله عليه وسلم أجاب عن سؤال أصحابِه دعاءَه بحثهم على الجهاد وتحمُّل الأذى في سبيله.. وكأنه يلفت أبصارهم إلى أن الأصل هو الأخذ بالسنن ومنها نصر الله، حينئذ يستجيب الله تعالى دعاء من احترم سننه التي أرساها، فمن التناقض أن تعبد الله العبادة اليسيرة وهي الدعاء دون أن تصحبها بالتضحية والكد في سبيل دين الله وهي العبادة المُبينة لمعادن الناس ومدى إيمانهم لأت فيها تحمل ومعاناة.. فاعلم أن سلعة الله الجنة وأنها غالية.
دور الدعاء في المنهج الإسلامي:
إن الدعاء هو مخ العبادة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.. ولكن هل الدعاء هو المنهج الإسلامي في الحياة؟
كلَّا بالطبع.. إن المنهج الإسلامي يعتمد على العمل والدعاء سويًا ولا يصح أن يعمل الإنسان عملًا دون دعاء أو أن يدعو دون عمل.
ولقد أخطأ الكثير من المسلمين بأن كانوا أحد الفريقين الآتيين:
1- أناسٌ يعتمدون على الدعاء ويتركون العمل ويضم أكثر المسلمين الملتزمين الآن!
2- أناسٌ انبهروا بالغرب والمادية فاعتمدوا على القوانين الكونية وتركوا الدعاء أو همَّشوه ويضم فئة قليلة، فقد المسلمين لهم من صفوفهم هو غنيمة وليس غُرمًا.
وكِلا الفريقين على خطأ وعلى الفريق الأول أن يعلم أن العمل واجب مع الدعاء، وعلى الفريق الثاني أن يعلم أن الأسباب وحدها لا تكفي وسوف نُركِّز على الفريق الأول في هذه المقالة.
العمل واجب مع الدعاء:
إن الله قد خلق هذا الكون وجعل له سنن وأمر الإنسان بالتفكُّر في الكون وتلك السنن.
والله قد رزق الإنسان بالعلم لكي يُسخِّر له به تلك السنن لحياته ومنفعته، ويجب على كل مسلم دراسة تلك السنن ما استطاع والاستفادة منها ومن تسخير ربنا إيَّاها لنا. ومن يترك تلك السنن عن عمد وهو يقدر على استخدامها كمن يهزأ بحكم الله في خلقه ويريد أن يخرق الله له تلك السنن.
ولكنه كي يستفيد من تسخير تلك السنن فعليه أن يتذكَّر دائمًا أنها كلها بيد الله فيتم عمله بالدعاء لله الذي بيده كل شيء.
ولو تدبَّرنا في آيات الدعاء في القرآن الكريم لوجدناها اقترنت مع العمل بالأسباب:
1- حين دعا جنود طالوت كان ذلك بعد الأخذ بجميع الأسباب: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلًا مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ . وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين} [البقرة:249-250].
فلقد دعوا ربهم بعد أن أطاعوا ملكهم طالوت وعملوا كل ما بوسعهم من أسباب.. حتى برزوا لجالوت وجنوده فدعوا الله أن ينصرهم فهم يعلمون تمامًا أن النصر من عند الله وليس نتيجة للأسباب الدنيوية.
2- وفي الآيات: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ . وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:200-201] نجد الدعاء مقترن بقضاء المناسك.
3- وأيضًا: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الأَلْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ . رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ . رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ . فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} [آل عمران:190-195].
والآيات السابقة واضحة وضوح الشمس بأن المؤمنين يتفكَّرون في آيات الله وسننه في الكون ويعملون بطاعته، وإذا نظرت إلى الاستجابة في الآية الأخيرة لوجدتها مرتبطة بالعمل ارتباطًا وثيقًا.
ترك الأسباب والركون إلى الدعاء وحده:
إن ترك السنن والركون إلى الدعاء فقط مع القدرة على الاستفادة من السنن لهو خطأ فادح ولنتأمَّل تلك الآيات:
{سَوَاءً مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ . لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ . هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ . وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ . لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ} [الرعد:10-14]، إن الله لا يُغيِّر ما بقوم حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم باتباع السنن التي خلقها الله.
وترى الآيات تضع صور رائعة من سنن الكون -أو قوانينه كما نُطلِق عليها- وهي البرق والرعد وتصفها باسلوب مبهر يجعل من يقرأها يجل تلك السنن ويعظمها لأنها أوامر الله. فهي أوامر الله الكونية وتشبه في عظمتها أوامر الله في كتابه الكريم وعلينا أن نأخذ بتلك السنن وأن نخضع لها لا أن نُهمِلها ولا نعتمد عليها.
وتظهر الآيات منهجًا وسطًا في التعامل مع السنن الكونية بين من لا يلقون لها بالًا، ويعتمدون على الدعاء دون العمل وبين من يقدسون السنن الكونية فقط. ويرجعون كل الأحداث لقوانين الطبيعة دون أن يذكرون أن كل ما يحدث هي أوامر الله تعالى في كونه كما في قوله تعالى: {وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ} [الطور:44].
إن السنن لا تتعارض مع أن كل شيء بيد الله وعلى الإنسان أن يأخذ بتلك السنن التي خلقها الله -مع الإيمان بأن الله تعالى هو الذي يضع تلك السنن ولا يتركها ويركن للدعاء فقط.
خداع النفس بالدعاء فقط:
ولذلك نرى اليوم الكثير من المسلمين يدعون الله ولا يعملون كل ما في وسعهم مع الدعاء ويتوقعون إجابة الدعاء بلا عمل. بل ويكون الدعاء كالمخدر الذي يوهمه أنه قد فعل كل ما عليه وتوكل على الله. وهذا خداع تلجأ له النفس البشرية حتى لا تشعر بالتقصير نتيجة عدم الأخذ بالأسباب. ومن يخدع نفسه بتلك الطريقة بأنه قد فعل كل ما عليه إنما تغره الأماني ويحلم فقط بانصلاح الأحوال دون أن يحاول الإصلاح.
قال تعالى: {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا . وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [البقرة:123-124].
إن الجزاء في الآخرة على العمل مع الإيمان وليس على الإيمان وحده -لأنه في هذه الحالة إيمان منقوص- ولا العمل وحده دون إيمان. وعلينا اتباع منهج الله كاملًا في العمل والدعاء ذلك هو الإسلام ولو رأيتم الآية التي تلي تلك الآيات: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [البقرة:125].
والتذكرة هنا بدين الإسلام الذي يعني الإسلام لكل أوامر الله تامة والآية تذكر بسيدنا إبراهيم عليه السلام الذي اتبع منهج الله تامًا كاملًا كما في قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة:124].
ولنتأمِّل هذه الآيات التي تصف من لا يتبع ملة إبراهيم في الإسلام التام لأوامر الله: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ . إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة:130].
جزاء ترك جزء من المنهج:
إن الإسلام هو الاتباع التام لكل أوامر الله ونواهيه وليس من الإسلام ترك أي جزء من الدين والاكتفاء بجزء آخر كما فعل بنو إسرائيل حين اتبعوا بعض الكتاب ولم يتبعوا البعض الآخر ولنرى جزاء ما فعلوه في قول الله تعالى:
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ . ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ . أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ} [البقرة:84-86].
فتنة الخوف الذي يمنع العمل:
إن فتنة الركون للدعاء فتنة شديدة نتيجة إحساس النفس بالخوف أو الضعف من اتخاذ السبل فانها تخاف الإيذاء في سبيل الله سواءً في النفس أو المال. وهذا الخوف يجعلها توهم نفسها بأن كل ما تخافه يخرج عن استطاعتها دون محاولة ودون أي هِمَّة. وعلى كل شخص أن يفرق بين ما يستطيعه وبين ما يخافه ولا يوهم نفسه بأن كل ما يخافه يندرج تحت ما لا يستطيعه. ولنعلم أن الله أحق أن نخشاه: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران:175].
الخلاصة:
الدعاء دون الأخذ بالسنن هو ابتعاد عن منهج الله تعالى وهو خداع للنفس حتى تظن أنها قد قامت بكل ما تستطيع.
وفي النهايه أذكر نفسي وإيَّاكم بالعمل بالسنن قدر المستطاع والدعاء مع العمل وأسأل الله أن يرزقنا الاخلاص.
ولا أجد إلا كلمة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: "أما والله إني لأقول لكم هذا وما أعرف من أحدٍ من الناس مثل ما أعرف من نفسي" ولكنها تذكرة ونسأل الله أن يغفر لنا أجمعين.
والله أعلم.
أحمد كمال قاسم
كاتب إسلامي
- التصنيف: