بدع وضلالات في البلد الحرام (4)

منذ 2014-06-25

4- زيارة غار حراء وغار ثور:

"إن تعظيم الآثار الإسلامية يخالف الأدلة الشرعية وما درج عليه سلف الأمة وأئمتها من عهد الصحابة رضي الله عنهم إلى أن مضت القرون المفضلة، ويترتب عليه مشابهة الكفار في تعظيم آثار عظمائهم، وغلو الجهال في هذه الآثار، وإنفاق الأموال في غير وجهها ظنًا من المنفق أن زيارة هذه الآثار من الأمور الشرعية، وهي في الحقيقة من البدع المحدثة، ومن وسائل الشرك، ومن مشابهة اليهود والنصارى في تعظيم آثار أنبيائهم وصالحيهم واتخاذها معابد، ومزارات" (الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (منسكه): "أما زيارة المساجد التي بنيت بمكة غير المسجد الحرام كالمسجد الذي تحت الصفا، وما في سفح أَبي قبيس، ونحو ذلك من المساجد التي بنيت على آثار النبي صلى الله عليه وسلم
وأصحابه كمسجد المولد وغيره فليس قصد شيء من ذلك من السنة، ولا استحبه أَحد من الأَئمة، وإنما المشروع
إتيان المسجد الحرام خاصةً والمشاعر عرفة ومزدلفة والصفا والمروة، وكذلك قصد الجبال والبقاع التي حول مكة غير المشاعر عرفة ومزدلفة ومنى مثل جبل حراء والجبل الذي عند منى الذي يقال أنه كان فيه قبة الفداء ونحو ذلك.. فانه ليس من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم زيارة شيء من ذلك بل هو بدعة"..

ويضاف إلى هذا ما ذكر الشاطبي في (الاعتصام) فيتتبع الآثار قال: "خرج الطحاوي وابن وضاح وغيرهما عن
معرور بن سويد الأسدي، قال: وافيت الموسم مع أَمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما انصرفنا إلى المدينة انصرفت معه فلما صلى لنا صلاة الغداة فقرأَ فيها: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل:1]، و{لإِيلافِ قُرَيْشٍ} [قريش:1]، ثم رأَى ناسًا يذهبون مذهبًا فقال: أَين يذهب هؤلاء؟ قال: يأتون مسجدًا هاهنا صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: إنما أهلك من كان قبلكم أنهم يتبعون آثار أنبيائهم فاتخذوها كنائس وبِيعًا، من أدركته الصلاة في شيء من هذه المساجد التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فليصل، وإلا فلا يتعمدها".

ثم قال الشاطبي: "قال ابن وضاح: كان مالك بن أَنس وغيره من علماءِ المدينة يكرهون اتيان تلك المساجد وتلك الآثار للنبي صلى الله عليه وسلم ما عدا قباء وحده. قال: وسمعتهم يذكرون أَن سفيان دخل مسجد بيت المقدس فصلى فيه ولم يتبع تلك الآثار ولا الصلاة فيها، وكذلك فعل غيره ممن يقتدي به، وقَدِم وكيع مسجد بيت المقدس فلم يَعْدُ فعل سفيان. قال ابن وضاح: وقد كان مالك يكره كل بدعة وإن كانت في خير، وجميع هذا ذريعة لأَن يتخذ سنة ما ليس سنة أَو يعد مشروعًا ما ليس مشروعًا"..

قال شيخ الإسلام رحمه الله: "كان أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وسائر السابقين الأولين منَ المهاجرين
والأنصار، يذهبون من المدينة إلى مكة حجاجًا وعمارًا ومسافرين، ولم ينقلْ عنْ أحدٍ منهم أنه تحرَّى الصلاة في
مصليات النبي صلى الله عليه وسلم ومعلومٌ أنَّ هذا لو كان عندهم مستحبًّا لكانوا إليه أسبق، فإنهم أعلم بسنته،
وأتبع لها من غيرهم".

وقال رحمه الله: "فإن النبي بعد أن أكرمه الله بالنبوة لم يكن يفعل ما فعله قبل ذلك، من التحنُّث في غار حراء، أو نحو ذلك، وقد أقام بمكة بعد النبوة بضع عشرة سنةً، وأتاها بعد الهجرة في عمرة القضية، وفي غزوة الفتح، وفي عمرة الجعرانة، ولم يقصد غار حراء، وكذلك أصحابه من بعده، لم يكنْ أحدٌ منهم يأتي غار حراء".

وقال رحمه الله أيضًا: "وكذلك قصد الجبال والبقاع التي حول مكة غير المشاعر: عرفة ومزدلفة ومِنى، مثل: جبل حراء، والجبل الذي عند منى، الذي يقال: إنه كان فيه قبة الفداء ونحو ذلك، فإنه ليس من سنة رسول الله زيارة شيء من ذلك، بل بدعة".
 


أحمد آل هداف
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام