الجهاد والقانون الثاني للديناميكا الحرارية
إن القانون الثاني للديناميكا الحرارية يقول ببساطة: أن الأشياء لا تترك المجتمع قليل عدد الأفراد إلى الكثير عدد الأفراد من تلقاء نفسها. لا بُدَّ من بذل شغل..
إن القانون الثاني للديناميكا الحرارية يقول ببساطة: أن الأشياء لا تترك المجتمع قليل عدد الأفراد إلى الكثير عدد الأفراد من تلقاء نفسها. لا بُدَّ من بذل شغل..
مثال لذلك:
الثلاجة فإن فيها تخرج الحرارة من وسط أقل حرارة وهو الطعام إلى وسط أكثر حرارة وهي الغرفة، ولو نزعنا الطاقة الكهربية عن الثلاجة لحدث العكس وانتقلت الحرارة من الوسط الساخن إلى الوسط البارد بشكلٍ تلقائي.
مثال آخر:
يوجد لدينا إناء مقسوم من منتصفه بحاجز ووضعنا عن يمين الحاجز ماءٌ مالح وعن يساره ماءٌ أقل ملوحة؛ ثم نزعنا الحاجز فالقانون الثاني للديناميكا الحرارية يقول لنا: أنه سينتقل الملح من الوسط الأكبر ملوحة إلى الأقل ملوحة.
إلا أننا لو تخيلنا وجود مضخات افتراضية تعيد ذرات الملح الهاربة الى الوسط المالح لوجدنا أنَّ "برزخا" ظل موجودًا دون وجود حاجز مادي!
ومن الأمثلة الطبيعية لهذا وجود مثل هذه البرازخ بين البحار المالحة والأنهار العذبة، لذا لزِم أن يكون هناك نوع من التيارات المائية لتقوم بعمل تلك المضخات التي تعمل على احتفاظ كل من الماء المالح والماء العذب بهويته! ليس فقط في درجة الملوحة بل في درجة الحرارة ودرجة التوصيل الكهربي.
أي أن تَرك الأمور على طبيعتها بدون بذل شغل (جهاد) يؤدي إلى تساوي خصائص الوسطين!
فماذا عن المؤمن الموجود وسط الكفار؟! لو ترك المسلم نفسه بدون مجاهدة فكرية -مهتديًا بالقرآن- سيصبح مثلهم تمامًا، كمَثَلِ الماء العذب عندما يترك بدون مضخات عاكسة وسط الماء المالح!
قال تعالى في سورة الفرقان: {فلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا . وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا} [الفرقان:52-53].
ومن العجب أن الإنسان مجعول من الماء وهذا يذكره -إن كان من أولي الألباب- بهذا الأمر اذ تكون البرازخ الطبيعية بين المياه العذبة والمالحة عِبرة له! وكأنها تقول له: "ها أنت مني فإن كان هذا يحدث لي في الطبيعة، فها أنا قدوة لك في واقعك كي تجاهد الهوية الكفرية جهادًا فكريًا بالقرآن فتحافظ على هويتك الإيمانية!".
لذا.. فإن الآية التي تلي آيات الجهاد الفكري بالقرآن هي:
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} [الفرقان:54].
هل لاحظتم علاقة الموضوع بالآيات الكريمات وكيفية ترابط الآيات -الغير مترابطة في ظاهرها أن نُظِرَ إليها سطحيًا- بعضها ببعض؟!
إنه بالتأمُّل وإعمال ملكة التدبر يتضح بحول الله وقوته نور القرآن الكريم.. كلام الله عز وجل شأنه!
والله أعلم.
ــــــــــــــــ
مراجع:
1- (القرآن الكريم).
2- (علم الفيزياء).
أحمد كمال قاسم
كاتب إسلامي
- التصنيف: