حوِّل القيمة الإيجابية إلى مهارة ليستوعبها طفلك!

منذ 2014-07-11

تحويل القيمة التربوية إلى مهارة يساعد الطفل على إدراكها والاستمرار في تطبيقها، إذ المهارة تتطلب من الطفل أن يستخدم أكثر من حاسة من حواسه، ولاشك هي الأكثر جذبًا لانتباهه.

من الخطأ أن نحرص على تلقين أطفالنا القيم الأخلاقية والعقائدية قطعيًا دون أن نحولها إلى مهارة؛ لأن سن الطفل في تلك المرحلة لا يسمح له باستيعاب قدسية تلك الأخلاق والعقائد ومكانتها. لاحظوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع» (سنن أبي داود رقم [495]). فالأمر والتذكير المتواصل لمدة ثلاث سنوات، واصطحابهم للمساجد، كل ذلك بمثابة غرس لهذه الشعيرة العظيمة في قلوب الأطفال وتحويلها إلى مهارة وعادة.

 

هذا سهل بن عبدالله التستري يقول: "كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم الليل فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار فقال لي يومًا: "ألا تذكر الله الذي خلقك؟"، فقلت: "كيف أذكره؟"، قال: "قل: بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك، الله معي.. الله ناظر إليَّ.. الله شاهدي"، فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته فقال: "قل في كل ليلة سبع مرات"، فقلت ذلك ثم أعلمته. فقال: "قل ذلك كل ليلة إحدى عشرة مرة"، فقلته فوقع في قلبي حلاوته، ثم قال لي يومًا: "يا سهل من كان الله معه وناظرًا إليه وشاهده أيعصيه؟ إياك والمعصية". الشاهد أن سهل بن عبدالله وهو ابن ثلاث سنين أمره خاله أن يردد بقلبه كلمات في سره ويكررها يومًا بعد يوم دون إدراك المقصود منها ومع التكرار وجد لها حلاوة في قلبه.

 

إن الابتسامة، وحسن الاستقبال، والتوديع، وفنون التواصل هي في الأساس قيم أسميناها (بالمهارات الاجتماعية)؛ لأن تعلمها لا يكون إلا عن طريق تحويلها إلى مهارة يتم تطبيقها والعمل بها ومن ثم تصبح سجية وعادة غير متكلفة.

احترام الكبير قيمة إيجابية أليس كذلك؟ كيف نحولها إلى مهارة؟

بدل أن نعطي الطفل ذا الثلاث سنوات محاضرة في أهمية احترام الكبير وفضل ذلك، نحاول أن ندرِّبه عمليًا على احترام الكبير ونجعل ذلك مهارة يمكن أن يستوعبها بكل سهولة، ونكون له قدوةً في ذلك، فمثلًا نحثه على مصافحة كبار السن، وتقبيل رؤوسهم وخدمتهم وعدم مقاطعة حديثهم أو المشي أمامهم ومع مرور الوقت ستتحول هذه المهارات التي اعتاد الطفل تطبيقها مع كبار السن إلى قيم راسخة في نفسه.

تحويل القيمة التربوية إلى مهارة يساعد الطفل على إدراكها والاستمرار في تطبيقها، إذ المهارة تتطلب من الطفل أن يستخدم أكثر من حاسة من حواسه، ولاشك هي الأكثر جذبًا لانتباهه.

خطوات مقترحة لترسيخ القيمة الإيجابية في نفس الطفل:

- الفهم الصحيح، لا بد أن يدرك الطفل ما سيقوم به -طبعًا إذا كان سنه يسمح بذلك- وما هو الهدف من عمله، والأجر المترتب على ذلك.


- التطبيق السليم، يجب أن يكون الأداء سليمًا وذلك من خلال تبسيط القيمة وتحويلها إلى حركات ومهارات يمكن تطبيقها بإتقان.


- التكرار، وكلما كررنا تحسَّن أداؤنا للمهام والمهارات التي نطبقها وسهلت علينا حسيًا ومعنويًا.
- التشجيع والتعزيز، وهناك فرق بينهما؛ فالتعزيز يكون في حالة الصواب فقط. بينما التشجيع يكون في حالتي الصواب والخطأ؛ فنحن نشجع الصواب ونشجع أيضًا المحاولة الخاطئة؛ لأنها خطوة من خطوات الصواب ربما. 

 

نايف القرشي