قراءة في كتاب - المختار من (تعظيم المنة) و(المعيار) في بدع العبادات والعادات والطرقية (2)

منذ 2014-07-31

بعد التمهيد وما سبق في القسم الأول من بدع العبادات شرع الشيخ رحمه الله في ذكر البدع المحدثة في شهر رمضان، مع ذكر الأدلة والبراهين على بدعيتها..

العنوان: المختار من (تعظيم المنة) و(المعيار)  في بدع العبادات والعادات والطرقية.
المؤلف: الشيخ الدكتور إسماعيل الخطيب رحمه الله، من علماء تطوان، رئيس المجلس العلمي لعمالة المضيق/ الفنيدق، وعضو بالمجلس العلمي الأعلى.
الأجزاء: جزء في 204 صفحات.
المحتويات: تمهيد وقسمان وملحق، ثم فهرس للمراجع والمصادر، تفصيلها كالتالي:

 

بعد التمهيد وما سبق في القسم الأول من بدع العبادات شرع الشيخ رحمه الله في ذكر البدع المحدثة في شهر رمضان، مع ذكر الأدلة والبراهين على بدعيتها، فجاءت كالتالي:
1- البوق والمزمار بالمآذن 2- بدع ليلة القدر.

والطامة الكبرى -يقول الشيخ- ما يقع في الزوايا وعند أضرحة من يعتقد الناس صلاحهم، فلا تسل عن التمسح بالقبور، والطواف حولها ودعاء المقبورين فيها، واختلاط النساء -وهن سافرات- بالرجال، وقد زين الشيطان لطوائف المبتدعة إحياء تلك الليلة بالرقص، مع مصاحبة آلات الطرب في زواياهم المملوءة بالقبور، فيا تعاسة أولئك المقبورين، والراقصين المبتدعين.

بدع الجنائز والمقابر: وقدم الشيخ بمقدمة جاء فيها: "بالنسبة للجنائز، استحدثت كثير من البدع التي لا أصل لها، حتى صارت الأعمال التي تعمل للميت بعد خروج روحه أكثرها من البدع... ويرجع الوزر الأكبر في هذه المستحدثات إلى أرباب الطرق -كما ستقرأ- وقد اختلفت مبتدعاتهم من بلد إلى بلد ومن عصر إلى عصر، حتى إذا جاء اليوم من ينادي بالعودة إلى السنة رمي من طرق المبتدعة بشتى الأقوال، ولا تسل عما يعانيه الذين يعمدون إلى إحياء السنة عمليا في جنائزهم.

ولا نتحدث عن اعتراض المبتدعة من العامة، بل إن لواء الدفاع عن البدعة يحمله منتسبون إلى العلم يدافعون عن البدعة بمنطقهم الضال، ودلائلهم الجوفاء، ومن العجب أن تجد منتسبًا إلى العلم يوصي بأن تقام جنازته على عادة البلد، لا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وتلك العوائد التي تختلف من بلد إلى بلد جلها مناوئ للسنة، ومن ابتداع أصحاب الأهواء".

ثم شرع الشيخ رحمه الله بذكر ما أحدثه الناس من البدع والمخالفات والأدلة على ذلك، فهاكها كالتالي:

1- الذكر أمام الجنائز: وقد توسع الشيخ رحمه الله على غير عادته في هذا الفصل، وجلب من الأدلة والبراهين وأقوال أئمة المالكية ما تقر به الأعين وتطمئن به الأنفس، ودونكم أيها الأفاضل كلامًا لابن لب المالكي، أكتفي به لنفاسته، وهو كقاعدة وأصل لهذا الباب، قال رحمه الله كما في (المعيار): "إن ذكر الله والصلاة على رسوله عليه السلام من أفضل الأعمال وجميعه حسن، لكن للشرع وظائف وقتها، وأذكارًا عينها في أوقات وقتها، فوضع وظيفة موضع أخرى بدعة، وإقرار الوظائف في محلها سنة، وتلقي وظائف الأعمال في حمل الجنائز إنما هو الصمت والتفكر والاعتبار، وتبديل هذه الوظائف بغيرها تشريع، ومن البدع في الدين...".

وقال العلامة ابن الحاج المالكي في كتابه (المدخل [3/256]): "السنة أن لا يتكلم أحد مع أحد، لأن الكلام في هذا المحل لغير ضرورة شرعية بدعة، إذ أنهم ذاهبون للشفاعة يرجون قبولها، فيشتغلون بما هم إليه صائرون".

وقد ألف العلامة امحمد الرهوني المالكي رسالة بعنوان (التحصن والمنعة ممن اعتقد أن السنة بدعة) جوابًا على من أنكر عليه المشي بجنازة أبيه على هدي السنة النبوية المطهرة، وهو الصمت والتفكر والاعتبار.

2- إخراج الميت بالزغاريد.

3- قراءة القرآن عند الدفن.
وقد نقل الشيخ رحمه الله كلام العلامة ابن الحاج الملكي: "إن مما ينبغي عند الدفن أن لا يقرأ أحد إذ ذاك القرآن زوجتين: أحدهما أن المحل محل فكرة واعتبار، ونظر في المآل، وذلك يشغل عن استماع القرآن، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: {
وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [الأعراف:204]، والإنصات متعذر لشغل القلب بالفكر فيما هو إليه صائر، وعليه قادم.

الوجه الثاني أنه لم يكن من فعل من مضى، وهم السابقون والقدوة المتبعون، ونحن التابعون فيسعنا ما وسعهم، فالخير والبركة والرحمة في اتباعهم وفقنا الله لذلك بمنه".

4- القراءة على القبور.

5- الرقص حول الميت.

6- صباح القبر وسابعه وما شاكل ذلك.

7- البناء على القبور.

قال في (المعيار): "ومن البدع البناء على القبور وتجصيصها وشد الرحال إلى زيارتها".

وجاء في (البيان والتحصيل): "وسئل ابن القاسم عن قول عمر عند موته: ولا تجعلوا علي حجرًا؛ قال: ما أظن معناه إلا من فوق على وجه ما يبنى على القبر بالحجارة، وقد سألت مالكًا عن القبر يجعل عليه الحجارة يرصص بها عليه بالطين، فكره ذلك، وقال: لا خير فيه؛ وقال: لا يجير ولا يبنى عليه بطوب ولا حجارة".

يقول العلامة الناصري: "ومن هذا المعنى ما جرت به العادة في أضرحة الأولياء، من التزويق والتنميق الخارج عن حد السرف بمراتب، وجعل الدربوز على القبر، والكسوة المذهبة له، وتعليق الأثاث النفيسة على الحيطان، وتحديد الحرم من جهاته الأربع بمسافة بعيدة، وسوق الذبائح إليه، وإراقة الدماء عنده، مع أن شيئًا من ذلك لم يشرع إلا في حق الكعبة شرفها الله، وقد تكلم الفقهاء على بعض ذلك وما فيه من المفاسد".

بدع الذكر: وبعد مدخل بين فيه الشيخ رحمه الله معنى الذكر، وأن ذكر الله في القلب هو تذكر عظمته وجلاله وجماله ونعمه، وذكره باللسان هو ذكر أسمائه الحسنى وإسناد الحمد والشكر والثناء إليها؛ شرع الشيخ في ذكر البدع والمحدثات، مع تفنيدها ودحضها بالحجج والبراهين الساطعات، فجاءت كالآتي:

1- الذكر الجماعي، ومن الأدلة التي ساقها الشيخ رحمه الله وهي كثيرة، قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبّك فِي نَفْسك تَضَرُّعًا وَخِيفَة وَدُون الْجَهْر مِنْ الْقَوْل}، قال الإمام المفسر القرطبي المالكي في تفسيره: "ودون الجهر: أي دون الرفع في القول، أي أسمع نفسك، كما قال: {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا}، أي بين الجهر والمخافتة، ودل هذا على أن رفع الصوت بالذكر ممنوع".

2- الاستسقاء على صوت واحد.

3- الذكر بالاسم المفرد.
وقد ساق رحمه الله كلام العلماء في بيان أن الذكر بالاسم المفرد غير مشروع أصلاً، ولا مفيد شيئاً، ولا هو كلام أصلاً، ولا يدل على مدح ولا تعظيم، ولا يتعلق به إيمان ولا ثواب، ولا يدخل به الذاكر في عقد الإسلام جملة، فلو قال الكافر "الله، الله" من أول عمره إلى آخره لم يصر بذلك مسلمًا، فضلاً عن أن يكون من جملة الذكر أو يكون أفضل الأذكار.

4- الهيللة في الطرقات.

5- شيوخ التلقين.


القسم الثاني: بدع العادات: وقد ساقها الشيخ رحمه الله، مع بيان وجه بدعيتها ومخالفتها للشرع عند علمائنا المالكية رحمهم الله، فجاءت كالآتي:

1- الاحتفال بفاتح السنة الميلادية.

2- عطلة السبت والأحد.

3- الاحتفال بالمولد النبوي.
وقد بسط الشيخ القول في هذه البدعة ورد الشبهات الواهية والمتردية، وفندها ودحضها بكلام الأئمة المالكية العلماء، مما يجعلك لا تشك في بدعيتها قيد أنملة، فارجع إليه وانهل من معين العلم الصافي، وفق الله الجميع.

4- مناكر الولائم وبدعها، كالاختلاط بين النساء والرجال الذي أصبح ظاهرة عامة في الأعراس.

5- اتخاذ طعام معلوم في بعض المواسم.


بدع الطرقية: وقد بين الشيخ رحمه الله، في مقدمة حافلة، الفرق بين التصوف والطرقية، وبين أن التصوف الذي انطلق من الزهد وكان أهله يعرفون باسم القراء والزهاد والنساك قد تواتر عن أعلامهم المتقدمين أن أصل طريقتهم اتباع الكتاب والسنة.

يقول سهل التستري: "أصولنا سبعة أشياء: التمسك بكتاب الله تعالى، والاقتداء بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأكل الحلال، وكف الأذى، واجتناب الآثام، والتوبة، وأداء الحقوق"؛ وسئل أبو علي الجوزجاني: كيف الطريق إلى الله؟ فأجاب: "اتباع السنة قولًا وفعلاً، وعزمًا وعقدًا ونية، لأن الله تعالى يقول: {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} فسئل: كيف الطريق إلى اتباع السنة؟ فقال: مجانبة البدع، واتباع ما اجتمع عليه الصدر الأول من علماء الإسلام، والتباعد عن مجالس الكلام وأهله، ولزوم طريق الإقتداء والإتباع، بذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم، بقوله عز وجل: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}".

لذلك وجدناهم -يقول الشيخ- يركزون على التعريف بالبدع والتحذير منها؛ سئل أبو حفص النيسابوري: ما البدعة؟ فقال: "التعدي في الأحكام، والتهاون بالسنن، واتباع الآراء والأهواء، وترك الاقتداء والاتباع".

غير أن بدعًا غزت الفكر الصوفي -يقول الشيخ- أخطرها ما يتعلق بالعقيدة، ووقع بذلك الخلط بين البدع والسنن لدى طائفة منهم، فابتعدوا عن الأسس التي بني التصوف عليها، ولعل مرجع ذلك بالأساس ما كان من تأثر بالباطنية، هذا التأثر الذي أثبته طائفة من الدارسين المعاصرين؛ ومن ثم دخلت التصوف آراء واتجاهات خلال مختلف العصور، خاصة عندما نشأت الطرقية التي برز فيها الفكر الشيعي بشكل ملحوظ.

قلت -عفا الله عني وغفر ذنبي- وهذا التصوف المشين المكدر والمشوب بالتأثيرات الباطنية والآراء والاتجاهات الشيعية وغيرها من الأفكار الدخيلة والغريبة، هو المنتشر الآن والموجود في بلاد الإسلام وقد صار طرائق قددًا، {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون:53]... فهناك الطريقة الرفاعية، والبوتشيشية، والقادرية، والنقشبندية، والتيجانية، والدرقاوية، والناصرية، والشاذلية، وغيرها كثير... والملاحظ أن هذه الطرق تختلف فيما بينها اختلافاً كبيرًا، ويصعب حصرها وعدها  وكل يدعي وصلا بليلى... وليلى لا تقر لهم بذاك.

على أن ربنا وإلهنا واحد، وقرآننا واحد، ونبينا واحد!!

فكان الواجب الرجوع إلى الأصل، وهو كتاب ربنا وسنة نبينا وفهمها على فهم سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، الذين حذرنا ربنا من مخالفتهم فقال: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}، ومدح متبعيهم فقال: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.

على أنه مازال في نفسي شيء من مصطلح (الصوفية) لأمرين: أولهما اختلاف أهل العلم واللغة منذ القدم في معناه وفي نسبته، بل المتصوفة أنفسهم مختلفون في ذلك، ثانيهما عدم ذكره في كتب السنة والمسانيد والمجاميع، كالموطإ للإمام مالك، والمسند للإمام أحمد، وصحيح البخاري، وصحيح مسلم، والسنن الأربعة، وغيرها من كتب السنة والحديث، بل جعلوا لكتبهم أسماء شرعية مفهومة المعنى والدلالة، كالزهد، والرقائق، والتزكية، والورع...؛ ألا يسعنا ما وسع هؤلاء الأئمة الأعلام؟!

وقد رتب الشيخ رحمه الله هذا الفصل، مع ذكر الحجج والبراهين على النحو التالي:

-حقيقة التصوف.

-اجتماع المتصوفة يوم الجمعة.

-الشطح.

-شيوخ الطرق.

-من مصطلحات المتصوفة.

-أحاديث باطلة يروجها المتصوفة.

-الرقص.


ملحق: وضمنه الشيخ رحمه الله فتوى للشيخ الصالح أبي فارس عبدالعزيز بن محمد القيرواني، في (اجتماع الفقراء للرقص والسماع)، وقد أجاد فيها وأفاد؛ وفتوى في (مصلح من قبيلة جزناية يقاومه العكازيون في منتصف القرن الثامن).


فهرس المراجع والمصادر: وقد ذكر الشيخ رحمه الله فيه الكتب التي اعتمدها في كتابه، مع ذكر الطبعة وتاريخ الطبع.

رحم الله الشيخ العالم إسماعيل الخطيب، وجزاه خيرًا على ما قدم ونصح وبين، ونفعه به {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}. 

المصدر: موقع هوية بريس
المقال السابق
المختار من (تعظيم المنة) و(المعيار) في بدع العبادات والعادات والطرقية (1)
المقال التالي
دعوة سلف الأمة إحياء الكتاب والسنة: دور القرآن نموذجًا