نصيحة.. وأنا سيدك!

منذ 2014-08-06

كثيرًا ما يسهل علينا أن نذكر بقيمة أو بمبدأ أن نكتبها، أو أن نخطب بها، أو أن ننصح، يسهل علينا ذلك.. خصوصًا إذا كنا متمرسين في ذلك، لكن غالبًا ما يصعب علينا للغاية أن ننفذ تلك النصائح والوصايا والخطب على أنفسنا، إن نحن تعرضنا لذات المواقف..!

كثيرًا ما يسهل علينا أن نذكر بقيمة أو بمبدأ أن نكتبها، أو أن نخطب بها، أو أن ننصح، يسهل علينا ذلك.. خصوصًا إذا كنا متمرسين في ذلك، لكن غالبًا ما يصعب علينا للغاية أن ننفذ تلك النصائح والوصايا والخطب على أنفسنا، إن نحن تعرضنا لذات المواقف! الحديث عن هذا يطول، لكننا أردنا النظر إليه فيما يخص شأن وحدة الصف الإسلامي، إذ يظهر ذلك الخلل بجلاء، ويبدو ذلك المرض بوضوح، مرض نسيان النفس من الأمر بالخير والمعروف، كما قال سبحانه معاتبا على أمثال هذا: {أَتَأْمُرُ‌ونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ‌ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ} [البقرة: 44].

فكم من داعية يرفع صوته بأوامر التعاون على البر والتقوى، بينما هو متوحد في ذاته بعمله، متفرد برأيه، مخاصم للآخرين، وكأنه يقول للناس: "إنها نصيحة.. لكني سيدكم"، وكم من آخر يكتب الكتب والمقالات في التقارب والتعاهد على الخير، بينما هو البعيد عن إخوانه، المخلف لكل عهد معهم، المفارق لكل قيمة تدعو للوحدة !الطبيعي أن يكون المتحدث مقتنعًا بما يحدث به، متشربًا لمعانيه، قائمًا به حق قيام، ثم يبدأ في شرحه للناس ونصحهم فيه، ليكون على بينة من أمر تطبيقه، وبيان أصول تنفيذه، وشرح كيفية التغلب على عقباته .

قد نقبل العذر أحيانًا من البعض، أن ينصح ببعض ما يسعى هو لتطبيقه والعمل به، وإن لم يكن قد اكتمل عمله له، كمن ينصح بطاعة وهو يجاهد نفسه للعمل بها ولما يستقر عمله بعد، لكن كيف نقبل من دعاة أن يأمروا بالتعاون ثم هم يتفردون، ويأمرون بالوحدة ثم هم يتفرقون؟! بل إنهم بالأصل رافضين إلا كل من وافقهم، معرضين عن كل من خالفهم ولو في مسألة واحدة؟!

ها هنا تبرز الآثار السلبية للنفوس المريضة، إنه بالفعل لايستطيع السيطرة على سلوك نفسه، ولا يقدر أن يطبق ما يكتبه أو يخطب به على رؤوس المنابر، ذلك أن هواه أقوى من أمنيته، وعجبه بنفسه أكبر من قيمته التي تكلم بها، إنه داء كذلك يتسلل إلى الأتباع فيصابون به، فتجدهم هم الآخرون يدعون إلى حزبهم وجماعاتهم وفصيلتهم بكل رأفة وتحبب، بينما يكشرون عن أنيابهم، وتسوء أخلاقهم مع المخالف لهم ولو في مسألة واحدة .

ربما لايشعر كثيرون بأثر هذا الداء العضال، بينما يعيشون في حالة راكدة أو حركة ضيقة، لكننا شعرنا به كل شعور بعدما انفتح باب الحرية، ولم يصبح هناك عائق أمام العمل الدعوي والعلمي، عندها شعرنا بأثر ذلك المرض، ورأينا قدر الأثر السلبي للفرقة والاختلاف مع التعصب فيهما.

ورأينا بأعين رؤوسنا كثيرًا ممن ينصحون على المنابر بالنهار، ثم هم يقودون طابور الفرقة بالليل.
إننا في حاجة لحسن اختيار لقادة دعواتنا وفصائلنا وتجمعاتنا، وفي حاجة لنفتح الرأي والتشاور في كل قرار يتخذونه، وفي حاجة أن نعلن اعتراضنا بوضوح على كل من خالف قوله فعله وغلا، فنحن تحت طائلة السؤال العظيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ . كَبُرَ‌ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2-3]. 

 

خالد رُشه