أرسل هذه الرسالة لـ 13 صديق!

منذ 2001-04-14

حول الرسائل التي تأتينا من جهات غريبة تطلب نشرها وإلا!

في إحدى السنوات تراءى الناس الهلال -هلال رمضان- فلم يروه، فجاء رجل إلى قاضي البلد يقول له: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم في المنام، وأخبرني أن الليلة من رمضان وأمرني والمسلمين بالصيام!

فقال له القاضي: إن الذي تزعم أنك رأيته في المنام. قد رآه الناس في اليقظة جهارًا نهارًا، وقال لهم: «صوموا لرؤيَتِهِ وأفطِروا لرؤيتِهِ» (صحيح البخاري: [1909]) فلا حاجة بنا إلى رؤياك!

شاع في أوساط الفتيات قبل فترة وجيزة رؤيا خلاصتها أن فتاة رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم في المنام وقال لها: إن الساعة سوف تقوم قريبًا، وعلامة ذلك أن تفتحي مصحفًا قديمًا فتجدي فيه شعرة أو ورقة ممسوحة!.

وكان أثر الرؤيا المختلقة أبلغ عند الجهلة من قوله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} [الأحزاب من الآية:63] وبعدها تحدثت في إحدى الكليات، فبعثت إحدى الأخوات بورقة مرفقة مكتوب فيها القصة التالية:

مرضت فتاة مرضًا شديدًا أعيا الأطباء وفي ذات ليلة بكت حتى جاءها النوم وهي على تلك الحال، فرأت أم المؤمنين زينب! فوضعت في فمها شيئًا من القطران، وطلبت منها أن تكتب هذه الرواية (13) مرة، وتطلب من الناس أن يكتبوها، فلما استيقظت الفتاة وجدت نفسها قد شفيت من المرض تمامًا، وقامت بكتابة الورقة ثلاث عشرة مرة ووزعتها، فحدث التالي

أول ورقة وقعت في يد رجل فقير فكتبها ثلاث عشرة مرة ووزعها فجاءته أموال طائلة بعد ثلاثة عشر يومًا.

والورقة الثانية وقعت في يد غني فمزقها فذهبت أمواله كلها بعد ثلاثة عشر يومًا!

والورقة الثالثة وقعت في يد رجل على رأس عمل كبير فسخر منها ففصل من العمل بعد ثلاثة عشر يومًا.

تقول الرواية: فعليك أخي المسلم أختي المسلمة أن تقوموا بكتابة هذه الورقة وتوزيعها لتنالوا من الله كل ما تحبون في إرادته.

وذكرتني هذه الخرافة السخيفة بخرافة (وصية الشيخ أحمد) التي تعاود الظهور مرة بعد مرة أخرى بصورة تؤكد أن وراء الأمر شيئًا!

كما ذكرتني بمقال كنت قرأته في بعض مجلاتنا -مع الأسف- عن (لعنة الفراعنة) والتي يزعمون أنها تلاحق كل من ينال من الفراعنة ومقابرهم بسوء.

فهذا ركل جمجمة أحدهم فانكسرت رجله، والذي اكتشف إحدى المقابر سقطت به الطائرة، وفي الليلة التي اكتشفت فيها المقبرة انطفأ التيار الكهربائي عن القاهرة. إلخ! إنه نوع من (الإرهاب الفكري) المدمر.

لا تستخدم عقلك ولا تناقش لئلا يصيبك ما أصاب هؤلاء واحذر أن تمزق تلك الورقة (الأسطورة) لئلا تفقد عملك أو تفقد مالك. وربما تفقد دينك -هكذا يزعمون-.

إن الوحي قد انتهى فلا يتنزل على أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم ومع ذلك فإن من المسلمين من يشرعون تشريعات جديدة لم ترد في الوحي ويحذرون من يخالفها بالعقاب والعذاب، ويبشرون من يفعلها بالتوفيق.. فكيف تنطلي هذه الألاعيب السخيفة على مسلم قرأ في التنزيل {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة من الاية:3]، إننا نعلم يقينا أن الإنسان قد يترك أعظم شعائر الدين العملية -وهي الصلاة- ومع ذلك يظل مرزوقًا معافى في دنياه، لأن الدنيا ليست دار جزاء ولا حساب، والأصل أن الجزاء والحساب في الآخرة، بل نجد قومًا كفارًا لا يؤمنون بالله ولا يؤمنون باليوم الآخر ومع ذلك وسع الله عليهم في الرزق، وأعطاهم من العلم المادي والحضارة المادية ما لم يعطه غيرهم.. فالدنيا دار بلاء وليس دار جزاء.

فكيف يأتي من يستخف بعقول بعضنا ويزعم أن من لم يفعل كذا أصابه بعد أيام معدودة ما يكره، ومن فعله لقي ما يحب.

وهذا الفعل المطلوب ليس واجبًا ولا مستحبًا. بل ولا مباحًا، إنما هو بدعة منكرة وخرافة غليظة. ثم لنتساءل: هل هذه الكتابة (عبادة) أم أنها عمل دنيوي محض؟

فإذا كانت عبادة فهي مردودة لأن الإنسان أراد بها الدنيا وحفظ المال والوظيفة والصحة، والله تعالى يقول: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ . أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود:15-16].. فهو عمل حابط باطل جزاؤه النار.

وإذا كانت عملًا دنيويًا فهي أيضًا مرفوضة، لأنها ليست من الأسباب المادية، والذي يريد المحافظة على الوظيفة عليه ألا يتأخر عن وقت الدوام، وأن يؤدي مسؤولياته، وأن يحسن استقبال المراجعين، ويبني علاقته مع رؤسائه على أساس صحيح.

وهكذا حفظ المال والصحة وغيرها له أسبابه المادية المعروفة، وليس هذا العمل منها بحال.

ثم لماذا رقم (13)؟

إن لم أخطئ فإن الإنجليز يتشاءمون من هذا الرقم: فهل لهذه الرواية المختلقة الموضوعة علاقة بذلك؟ لقد جاء في الشرع: الذكر مرة واحدة وثلاث مرات، وسبع مرات وعشر مرات، ومائة مرة، أما ثلاث عشرة مرة فليس لذلك نظير في الشرع مطلقًا.

وأخيرًا: من الذي يروي هذه الأكذوبة الملفقة المخترعة؟

فتاة مريضة؟ ومن هي؟ ومن يقول بأنها صادقة؟ ومن يروي عن هذه الفتاة؟ إنها رواية مسلسلة بالمجهولين والكذابين والأفاكين، وهؤلاء لا تقبل شهادتهم على بصلة فما دونها فكيف تقبل روايتهم في أمر كهذا؟

وحتى لو كان الرواة من أساطين الثقات فإنهم إذا حدثوا بمثل هذا الكذب البواح سقطت عدالتهم، وذهبت الثقة بهم، وتركوا، ووجب ردعهم وتعزيرهم، ومنعهم من التغرير بعقول السذج والبله، والله المستعان، وأنى لأساطين الثقات أن يحدثوا بمثل هذا؟

سلمان بن فهد العودة

الأستاذ بكلية الشريعة وأصول الدين بالقصيم -سابقًا-