تجديد الحياة الزوجية.. فن له أصول
كلمة الصلح كلمة عامة تشمل صور كثيرة وتتسع لمعان متعددة ولا شك أن تجديد نمط الحياة جزء من هذا الصلح المطلوب وعليه فإن التفكير في كيفية هذا التجديد والممارسة العملية باب خير كبير تحتسبه الزوجة المؤمنة الصالحة.
كل شيء في الحياة تطوله الرتابة والنمطية، يفقد بريقه رويدًا رويدًا حتى ينطفئ بالكلية ولا يبقى من وهج بريقه القديم إلا مجرد ذكريات. وهكذا هي الحياة الزوجية حين تتراكم السنون وتتشابه تفاصيل الحياة اليومية التقليدية فيسود الصمت والفتور رغم أن الحياة هادئة لا يعكر صفوها المشكلات.
نمطية الحياة:
قد تستمر الحياة على هذا المنوال فيدمن الزوج الصمت ومشاهدة المباريات والجلوس على المقهى والحديث والخروج مع مجموعة الأصدقاء ويصبح البيت مكانا للنوم وحسب، حتى العلاقة الحميمية الخاصة تقترب من الآلية؛ مجرد شحنة من الهرمونات يتم التخلص منها ثم الاستسلام للنوم دون تبادل كلمة أو شعور.
وتدمن الزوجة الشكوى اللامتناهية من الأبناء وتنغمس فيها وما يرتبط بها من أعباء البيت والمعيشة بحيث يصبح التفكير في المشاعر والعواطف لون من ألوان الترف الذي لا يليق بالأم المسئولة عن البيت.
قد تستمر الحياة على هذا النمط وقد يتمرد الرجل (لا يتحمل كثير من الرجال الحياة النمطية) فتفيق الزوجة على نبأ الشروع في الزواج الثاني أو وقوعه بالفعل في وقت تتخيل فيه أن الأمور مستقرة مستتبة بفضل تضحياتها فهي غالبا لا تنام إلا بعد استنفاذ كل جهدها وطاقتها.
وإذا كان التعدد أمر أباحه الشرع إلا أن كل زوجة تتمنى ألا يمارسه زوجها فهو ابتلاء لها فهل من الممكن أن تمنع وقوعه؟!
ما هو التجديد؟
التجديد في الحياة الزوجية يعني ببساطة كسر نمطية الحياة بشيء جميل ومبهج كما يعني أيضا علاج المشكلات القائمة بحل جديد.
النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا كيف نعيش دنيانا بصورة جميلة ونحول أعمالنا التي نستمتع بها إلى حسنات ندخرها لآخرتنا.
يقول الله عز وجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب: 21].
النبي صلى الله عليه وسلم يستثمر فرصة سفره لبعض الغزوات في تجديد حياته الزوجية فهو لا يسافر وحده بل يقرع بين نسائه ومن يخرج سهمها تسافر معه. فإذا جاء الليل أخذ جملها وسار معها يتحدث ويتسامر في بيئة طبيعية مفتوحة مختلفة عن طبيعة الحياة داخل البيت.
ليس ذلك فحسب فعندما تسمح الظروف يتأخر عن الجيش حتى يتسابق مع زوجته فتسبقه وعندما تتاح الفرصة مرة أخرى في سفر آخر يسابقها فيسبقها فيذكرها بالمرة السابقة لإضفاء جو من الدعابة والمرح فقد حدثت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرٍ قالت: "فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملتُ اللحم سابقته فسبقني"، فقال: « » (رواه أحمد، وأبو داود واللفظ له).
التجديد الآن:
الحياة الزوجية مهما كانت ثرية وسعيدة هي بحاجة لهذا التجديد الجميل والمبهج فلا معنى لانتظار ركود الحياة حتى نبدأ في البحث عما يجددها ويعيد لها رونقها وتألقها.
والحياة الزوجية المرهقة بحاجة ماسة لجرعة مكثفة من التجديد لضخ الدماء في شرايينها المتيبسة وكل لحظة نتأخر فيها عن إجراء التجديد المطلوب نرتكب فيها خطيئة في آية من آيات الله ألا وهي الحياة الزوجية.
يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128].
وكلمة الصلح كلمة عامة تشمل صور كثيرة وتتسع لمعان متعددة ولا شك أن تجديد نمط الحياة جزء من هذا الصلح المطلوب وعليه فإن التفكير في كيفية هذا التجديد والممارسة العملية باب خير كبير تحتسبه الزوجة المؤمنة الصالحة.
التجديد.. كيف؟
اتفقنا على أهمية التجديد في الحياة الزوجية واحتسابنا الأجر في ذلك. ولو تحدثنا عن التجديد الذي تستطيع المرأة على وجه الخصوص القيام به فالمرأة الصالحة التي تفكر في خير حياتها الزوجية هي كنز حقيقية يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « » (رواه الحاكم). فإليها نقدم هذه الأفكار:
1- هناك مبادئ أساسية لا يمكن الحديث عن تجديد في نمط الحياة دون أن تتحقق هذه المبادئ كاحترام الزوج وتقديره وطاعته والاهتمام بالنظافة في الملبس والبيت.
2- التعامل برقة ولطف مع الزوج والحديث بأسلوب رقيق وصوت منخفض (قارني بين حديثك أثناء فترة الخطبة وفترة العقد وحديثك الآن خاصة عندما تكوني منفعلة مع الأولاد). كوني طبيعية تحدثي ببساطة ودون تكلف. والتعامل برفق ولطف لا يعني فقط لهجة رقيقة وإنما يعني تقليل الطلبات إلى الحد الأدنى الممكن وعدم الإلحاح عليها. جددي في موضوعات حديثك شاركيه اهتماماته حديثه عن العمل، والرياضة، والقضايا العامة.
3- جددي في مظهرك ولو بأشياء بسيطة؛ غيري مرة لون شعرك، نمط ملابسك، استخدمي قطعة إكسسوار جريئة. ولتكن قدوتك السيدة عائشة رضي الله عنها فقد كانت ترتدي القلائد وتنوع في ألوان ثيابها.
4- جددي في مظهر بيتك بلمساتك الفنية الإبداعية فالسيدة عائشة تشتري نمرقة بسيطة كي يجلس النبي صلى الله عليه وسلم عليها تتحفه بذلك. فما أجمل أن يشعر زوجك باهتمامك به بتعطير حجرة نومك؛ بوضع وردة جميلة.
5- حددي وقت خاص لإنعاش حياتك الزوجية بمعنى أن هناك ساعات للمنزل، وهناك ساعات للأولاد، وهناك أيضا وقت خاص لك أنت وزوجك فقط. اخرجا سويا كل فترة لتناول العشاء بالخارج وحدكما.
6- فكري بخيال خصب في شكل علاقتك الزوجية الخاصة ستجدي كثير من الأشياء التي يمكن أن تضيف مذاق جميل لحياتك وستجدي انعكاس تلك العلاقة الدافئة في حياتك اليومية.
7- لا بد من الاستمرارية في ممارسة هذه التجديدات حتى يصبح التجديد جزء من نمط حياتك. قد لا تجدين تجاوبًا في البداية، اصبري واحتسبي وتوكلي على الله وإن شاء الله تجنين أحلى الثمار.
فاطمة عبد الرؤوف
- التصنيف:
- المصدر: