نحن أحق بموسى منكم (2-2)

منذ 2024-07-05

وما الذي صنعهُ اليهود حتى لا يكونوا أهلاً للانتسابِ إلى نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام. نشرت المادة في 26-8-2014م وجددت في 6-7-2024م

في المقال الماضي، وتعليقاً على قوله صلى الله عليه وسلم لليهودِ لما رآهم يصومون يوم عاشوراء: «نحنُ أحقُّ بموسى منكم» (رواه البخاري (2004)-وفي غيرِ موضع من الصحيح ومسلم (1130)) كانت الإشارةُ إلى أخوةِ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وكيف كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يتحدثُ عنهم، ويذكرُ مآثرهم ومواقفهم وصبرهم، ومنهم موسى عليه الصلاة والسلام الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحدَ المواقف التي أغضبته: «يرحمُ اللهُ أخي موسى قد أُوذي أكثرَ جمر من هذا فصبر»  (رواه البخاري (3150) وفي غير موضع، ومسلم (1062)).

وهذا المقال نعرضُ للشقِّ الثاني من الموضوع، ألا وهو: لماذا كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وصحبهِ أحقُّ بموسى من اليهود؟

وما الذي صنعهُ اليهود حتى لا يكونوا أهلاً للانتسابِ إلى نبي الله موسى؟

إن اليهودَ الذين بعثَ فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رفضوا الهُدى بحجةِ اتباع الآباء والأجداد، فقد ورد أنه لما دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم اليهودَ إلى الإسلام، ورغبهم فيه، وحذرهم عذابَ الله ونقمته، قال له رافعُ بن خارجةَ ومالكُ بن عوف - وهما من أحبارِ يهود بني قينقاع-: بل نتبعُ يا محمد ما وجدنا عليه آباءنا، فهم كانوا أعلم وخيراً منا. فأنزل الله تعالى فيهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ} [البقرة:170]

فهو التقليدُ الأعمى الذي يقودهُ الهوى والتعصب لقوميتهم وعرقهم، وهو التاريخُ الممتد لهؤلاء اليهود منذ عهد يعقوب عليه السلام وإلى أن يخرجوا مع الدجال إذا خرج حيث سيكونُ معه سبعون ألفاً من يهود أصبهان كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح ويستثنى منهم المؤمنون الصادقون أتباع أنبيائهم، ومن آمن منهم بمحمد صلى الله عليه وسلم واتبعوه. وحتى لا يطولُ بنا المقام- والحديثُ عنهم طويل- نجيبُ عن التساؤلات السابقة.

أولاً: أن ذمَّ اليهود والحديث عن طبيعتهم ومكرهم وكيدهم وكفرهم، وتكذيبهم بأنبيائهم، بل وقتلهم لهم، إلى آخر ما وردَ فيهم، جاءَ به كتابُ رب العالمين الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه، تنزيلٌ من حكيمٍ حميد.

فالعداءُ معهم ليس سببه قضيةً أو أزمةً معينة، إذا انتهت زالَ العداء: قال تعالى عنهم: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأعراف:167] و {تَأَذَّنَ} بمعنى: أعلم، أو أمر. 

يقول ابن كثير رحمهُ الله: "وفي قوةِ الكلامِ ما يفيدُ معنى القسم من هذهِ اللفظةِ، ولهذا تلقيت باللام في قوله لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ -أي: على اليهود- إلى يومِ القيامة من يسومهم سوءَ العذاب، أي بسببِ عصيانهم ومخالفتهم أوامر الله وشرعه، واحتيالهم على المحارم، ويُقال: إنَّ موسى عليه السلام ضربَ عليهم الخراج سبع سنين، وقيل: ثلاث عشرة سنة، وكان أولُ من ضرب الخراج. ثمُّ كانوا في قهرِ الملوك من اليونانيين والكشدانيين والكلدانيين، ثُمَّ صاروا في قهرِ النصارى وإذلالهم إياهم، وأخذهم منهم الجزية والخراج، ثمَّ جاءَ الإسلامُ ومحمد عليه أفضل الصلاة والسلام فكانوا تحت صغارهِ وذمته يؤدون الخراج والجزية". 

قال العوفي عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: "هي المسكنة، وأخذ الجزية منهم. وقال علي بن أبي طلحةَ عنه: هي الجزية، والذين يسومونهم سوءَ العذاب؛ محمد صلى الله عليه وسلم وأمته إلى يوم القيامة..." قلت - أي ابن كثير-: "ثم آخر أمرهم أنهم يخرجون أنصار الدجال، فيقتلهم المسلمون مع عيسى ابن مريم عليه السلام وذلك آخرُ الزمان" (انظر: تفسير ابن كثير (2/259) ط. دار المعرفة)

فهذا خبرُ الله عن ملاحمنا مع اليهود، فهل نعي هذه الحقائقَ القُرآنية التي لا يطرقُ إليها شكٌ أو ريب؟!

و أقرأوا هذه الآيات التي تبينُ الفرقَ بين أمةِ محمد صلى الله عليه وسلم واليهود، وكيف يكون الصراعُ بينهم. قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ . لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ . ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [آل عمران:110ـ112]

فخيريةُ هذه الأمةُ في نفسها، وخيريتها للناس حين تأمرُ بالمعروف وتنهى عن المُنكر، وتُؤمن بالله. وقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قال: "خيرُ الناس للناس تأتون بهم في سلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام" (رواه البخاري (4557))

ورواه البخاري مرفوعاً بلفظ: "عجب اللهُ من قومٍ يدخلون الجنةَ بالسلاسل" (رواه البخاري (3010)) قال العلماءُ: هؤلاءِ قومٌ كفار، أسرهم المؤمنون المجاهدون في سبيل الله، فعرفوا صحة الإسلام فدخلوا فيه؟ (انظر : الفتح (6/145) وفيه أقوالٌ أُخرى ما ذكرته أرجحها والله أعلم)

2- أمَّا أهلُ الكتاب فمن آمن منهم، وهُم قلة، فهُم إلى خيرٍ وفلاحٍ ومن فسقَ منهم، وهم الأكثرون، فقد كتبَ الله عليهم الهزيمةَ حين يقابلهم المؤمنونَ الصادقون. قال تعالى عنهم: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} . قال ابنُ عباس رضي الله عنهما وغيره: أي "بعهدٍ من الله وعهدٍ من الناس". قال ابن كثير: "أي ألزمهمُ اللهُ الذلةَ والصغار أينما كانوا فلا يأمنون {إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ} أي: "بذمةٍ من الله، وهو عقدُ الذمةِ وضربَ الجزيةِ عليهم، وإلزامهم أحكامَ الملة". {وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} أي: "أمانٍ منهم لهم، كما في المُهادن والمعاهد والأسير إذا أمنهُ واحدٌ من المسلمين ولو امرأةً، وكذا عبد على أحد قولي العلماء".

 وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ أي: "ألزموا فالتزموا بغضبٍ من الله، وهم يستحقونه"، وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ أي: "ألزموها قدراً وشرعاً"، ولهذا قال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ}، أي: "وإنما حملهم على ذلك الكبرُ والبغي والحسد، فأعقبهم ذلك الذلةَ والصغار والمسكنة أبدأ، متصلاً بذلةٍ الآخرة" (انظر: تفسير ابن كثير (1/391) عند تفسير هذه الآيات). ولخبثِ اليهودِ، ابتلاهم اللهُ ففرقهم، قال تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً} [الأعراف من الآية:168] .

فالحقائقُ ثابتةً لا تتغيرُ أبداً، سواءً منها ما يتعلقُ بديننا دين الإسلام الذي لا يقبلُ اللهُ من أحدٍ سواه، أو ما يتعلقُ بطبائعِ أهلِّ الكتاب عموماً واليهود خصوصاً. فنحنُ المسلمين أحقُّ بموسى وسليمان وداود وعيسى وغيرهم من أنبياء الله تعالى.

ثانياً: أنَّ اليهودَ قد برزت انحرافاتهم الخطيرة، واعتراضاتهم على شرعِ الله تعالى وأمره، حتى وأنبياؤهم بين ظهرانيهم، فكيف بهم بعد موتِ أنبيائهم وتحريفِ أحبارهم ورهبانهم لكتبِ الله المنزلة عليهم:

1- انظروا ماذا صنعوا بموسى بعد أن نجّاهُ اللهُ وبني إسرائيل من فرعون الطاغية، وذلك بمعجزة عظيمةٍ باهرةٍ، وهي تحويلُ البحرِ إلى يابسٍ يمرون عليه، لقد طلبوا من موسى حين رأوا قوماً يعبدون الأوثان أن يجعلَ لهم آلهةً كما لهؤلاءِ آلهة، ولكن لوجودِ موسى الذي نصحهم، وبين لهم عقيدةَ التوحيدِ وحظرَ الشركِ كفراً. فلما غابَ عنهم موسى لمناجاةِ ربه عند جبلِ الطور، سرعان ما عبدوا العجلَ الذي صنعهُ لهم السامري!!

2- وتعنتوا على موسى فقالوا له يوماً من الأيام: لن نؤمنُ لك حتى نرى اللهَ جهرة، فأخذتهم الصاعقة، ثم بعثهم الله من بعد موتهم ورجعوا إلى الطاعة.

3- ولأنهم أهلُ شهوةٍ وعبادةِ مال: فقد قالوا لموسى لن نصبرَ على طعامٍ واحد.

وهو من أعظمِ الطعامِ - المن والسلوى- ولمَّا حرُم عليهم صيدُ السمكِ يوم السبت احتالوا على ذلك بما قصّهُ اللهُ عنهم في قوله تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ، وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأعراف:163-164]

ولما حرَّم اللهُ عليهم الشحومَ، احتالوا فأذابوه وباعوه وأكلوا ثمنه (حديث صحيح رواه البخاري (2236)، وفي غير موضع من الصحيح، ومسلم (1571)، وأبو داود (3486) والترمذي (1297) وغيرهم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما).

4- وسار بهم موسى إلى الأرض المقدسةِ لفتحها، فلمَّا تقدموا واستطلعوا أحوالها قالوا: إنَّ الأرض المقدسةَ تدر لبناً وعسلاً، إلا أنَّ سُكانها من الجبارين، فنكصوا عن الجهاد، بل قالوا: {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة:24] . فابتلاهم اللهُ بالتيه أربعين سنةً، قيل: إنَّهم كانوا يسيرون يوماً وليلة أو أكثر، يبحثون عن مدينة يأوون إليها، فإذا انتبهوا وجدوا أنفسهم في مكانهم الأول.

ثالثاً : واستمرت انحرافاتهم الخطيرة بعد موسى عليه السلام:

(1) فقتلوا عدداً كبيراً من أنبيائهم. قال تعالى عنهم: {كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ} [المائدة من الآية:70]، وآخرُ من حاولوا قتلهُ: عيسى عليه السلام، الذي نجّاهُ اللهُ ورفعهُ إليه، ثُمَّ محمد صلى الله عليه وسلم: الذي نجاه الله وسلمه منهم.

(2) وحرفوا دينَ اليهودية، والديانةَ النصرانية، وذلك بما قامَ به (بولس) الذي كان لهُ الدورُ الأكبر في تحريفِ الديانةِ النصرانية وتحويلها إلى التثليث والشرك، و (بولس) هذا يهودي من الفرنسيين، وكان من ألدِّ أعداءِ عيسى عليه السلام فلمَّا رُفع دخلَ في النصرانية وادّعى أن عيسى أوحى إليه بأن يدعو إلى الديانةِ المسيحية، ونشطَ في الدعوة إليها، وزعم أنَّهُ يتلقى التعاليمُ المسيحية إلهاماً، وصار أحدَ الرسل السبعين الذين نزلَ عليهم روح القدس -في اعتقاد النصارى- وصار (بولس) معلماً لمرقص (ولوقا) صاحبي الأناجيلِ المعروفة عند النصارى. وهكذا قلب هذا اليهودي الديانةَ والملةَ التي جاءَ بها عيسى عليه السلام.

رابعاً: ومن أعجبِ ما رأيتُ من تعلقِ اليهود بموسى عليه السلام وما جاء به أمران:

الأمرُ الأول: تعلقهم بما أخبرَ اللهُ عنهم، أنَّ اللهَ اصطفاهم على العالمين - أي عالمي زمانهم- حتى نشأ عندهم ما يزعمون به أنهم شعبُ الله المختار. مع أنَّ اللهَ كتبَ عليهم الذلةُ والصغار وسوم العذاب إلى يوم القيامة.

الأمُر الثاني : احتجاجهم على عنصريتهم لبني جنسهم، وجوازُ الاعتداءِ على غيرهم بقصةِ موسى حينما وكز المصري الفرعوني، حين استنصر به الإسرائيلي الذي كان يختصمُ معه، فلمَّا وكزه موسى قضى عليه. وموسى لم يكن يقصدُ قتلَ الرجل، وإنَّما أرادَ أن يدفعَ أذى الفرعوني على الإسرائيلي بضربةِ تكفه عن الأذى، ولكن هذه الضربةُ أدت إلى قتلهِ، فلمَّا رآهُ موسى قتيلاً {قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} [القصص من الآية:15] . ثُمَّ أخذَ يستغفرُ الله مما فعل، فغفرَ الله له، وكلُّ ذلك كان قبلَ النبوة. فكيف يحتجُّ اليهودُ بهذا على ما هو معروفٌ من طبيعتهم ومواقفهم من غير اليهود؟ ولكن لا يُستغربُ هذا منهم.

خامساً: موقفُ اليهودِ من محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم  مع علمهم ويقينهم الذي لا شكَّ فيه أنَّهُ نبي، وتلك قصةٌ أُخرى طويلة معروفة.

هذه القاعدة: «نحن أحقُّ بموسى منكم» نُطبقها أيضاً على غير اليهود:
1- نطبقُها على النصارى فنقولُ: نحنُ أحقُّ بعيسى منكم، فهو عبدُ اللهِ ورسولهُ وكلمتهُ ألقاها إلى مريم وروحٌ منه. ونبرأُ إلى اللهِ ممن عبدهُ من دُون الله، أو من زعم أنَّهُ قتل عيسى: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} [النساء:158]

2- ونطبقها على الرافضةِ الذين يلتقونَ مع اليهودِ في يومِ عاشوراء ويفعلون فيه ما يفعلون، نواحاً على الحسين وآل البيت. فنحنُ نقولُ: نحنُ أولى بالحسنِ والحسين وبقيةِ آل البيت الطيبين منكم.

المصدر: موقع الشيخ عبد الرحمن بن صالح المحمود

عبد الرحمن بن صالح المحمود

أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقا.