كيف ندعو الناس - البيئة العربية

منذ 2014-08-28

ففي البيئة العربية المعروفة (بإباء الضيم)، والتي تحدث فيها المعارك الضارية لأسباب نرى نحن اليوم أنها تافهة، لا تستحق أن تراق فيها قطرة دم واحدة، وقد تطول تلك المعارك سنوات عديدة، ويفنى فيها كثير من الخلق كمعركة داحس والغبراء.

ففي البيئة العربية المعروفة (بإباء الضيم)، والتي تحدث فيها المعارك الضارية لأسباب نرى نحن اليوم أنها تافهة، لا تستحق أن تراق فيها قطرة دم واحدة، وقد تطول تلك المعارك سنوات عديدة، ويفنى فيها كثير من الخلق كمعركة داحس والغبراء(1).

في البيئة التي يمتشق فيها الرجل الحسام لأدنى إهانة توجه إليه، والتي يقول فيها عنترة:

ولقد خشيت بأن أموت ولم تدر *** للحرب دائرة على ابني ضمضم
الشاتمي عرضي ولم أشتمهما *** والناذرين إذا لم القهما دمى!

ويقول غيره:

ألا لا يجهلن أحد علينا *** فنجهل فوق جهل الجاهلينا!

في تلك البيئة، يؤذى رجال ذوو حسب ونسب، منهم من هو من أشراف قريش ذاتها، ثم لا يردون!
شيء يلفت النظر ولا شك، لأنه مخالف مخالفة تامة لأعراف البيئة.
بعبارة أخرى، شيء ليس من صنع البيئة.
فلا بد أن يكون من صنع شيء آخر خلاف البيئة!
ثم يشتد الأذى ويستمر وهم صابرون!

هنا معنى جديد ليس من صنع البيئة كذلك، ففي سبيل أي شيء يحتمل هؤلاء ما يقع عليهم من الأذى، ثم يظلون مصرين على التمسك بما يعرضهم للأذى؟
أفي سبيل شرف القبيلة؟ أفي سبيل مغنم من مغانم الأرض؟ أفي سبيل شهوة من شهوات الأرض؟
لا شيء من ذلك كله. إنما هو سبيل عقيدة يعتقدونها.


(1) معركة نشبت في أواخر العصر الجاهلي بين قبيلتي عبس وذبيان، بسبب سباق أجرياه على فرسين إحداهما تسمى داحس والأخرى تسمى الغبراء، فاختلفت القبيلتان على نتيجة السباق، فقامت بينهما الحرب، وانضم لكل قبيلة حلفاؤها، وطالب الحرب وقتل فيها خلق كثير، حتى تدخل من تدخل للصلح بينهما، فوضعت الحرب أوزارها.
 

محمد قطب إبراهيم

عالم معروف ، له مؤلفات قيمة ومواقف مشرفة.

المقال السابق
مصلحة الدعوة
المقال التالي
أفي سبيل شرف القبيلة؟