{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}
كل من سوى الغني الحميد مربوبون فقراء، لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم نفعًا ولا ضرًا، ولا غنى ولا فقرًا، ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا.
وفقر العباد لربهم فقر دائم ومستمر، مصاحب لهم من كل وجه، وبكل اعتبار، ولا ينفك عنه أحد البتة.
ومن استحضر هذا المعنى ازداد لربه ذلاً وخضوعًا، وفوض حوائجه كلها إلى مولاه وخالقه، ولم يسأل غيره، أو يرغب في أحد من دونه، إذ كل من سوى الغني الحميد مربوبون فقراء، لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم نفعًا ولا ضرًا، ولا غنى ولا فقرًا، ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا.
والعبد فقير إلى ربه..
- "من جهة ربوبيته له، وإحسانه إليه، وقيامه بمصالحه، وتدبيره له.
- وفقير إليه من جهة إلهيته، وكونه معبوده وإلهه، ومحبوبه الأعظم الذي لا صلاح له ولا فلاح ولا نعيم ولا سرور إلا بأن يكون أحب شيء إليه، فيكون أحب إليه من نفسه وأهله وماله ووالده وولده، ومن الخلق كلهم.
- وفقير إليه من جهة معافاته له من أنواع البلاء، فإنه إن لم يعافه منها هلك ببعضها.
- وفقير إليه من جهة عفوه عنه ومغفرته له، فإن لم يعف عن العبد ويغفر له فلا سبيل إلى النجاة، فما نجا أحد إلا بعفو الله ولا دخل الجنة إلا برحمة الله" (شفاء العليل لابن القيم، ص:118).
أحمد قوشتي عبد الرحيم
دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة
- التصنيف: