(المظاهرات) هي لغة المنبطحين!

منذ 2014-10-03

الصراحة لا أجد أي حق لدى كل دعاة المظاهرات السلمية -بعد ما شاهدناه على مدار أكثر من عام من مجازر دموية في حق الأبرياء وشرفاء هذه البلد- ناهيك عن كل الانتهاكات الأخرى التي يتعرّض لها المقاومين لهذا الانقلاب يوميًا من اعتقالات واغتصابات وسلب للممتلكات. من الناحية الشرعية أباح الله عز وجل للذين ظُلموا أن يقاتلوا من ظلمهم... قال تعالى في كتابه: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}.. مع مراعاة الأصول الشرعية في القصاص ومن يتولى التنفيذ.

بسم الله..

أبدأ الحديث أولًا بالتأكيد على أن المسار السياسي الصحيح هو الشرعية الدستورية التي صوَّت عليها الشعب المصري في خمس استحقاقات انتخابية بين (2011-2012)م، والتي بناء عليها مهدت لفقرة انتقالية يحكم فيها المجلس العسكري وأتت بمجلسي الشعب والشورى ورئيس للدولة ودستور جديد.

ثانيًا.. وهذا هو لُب الموضوع.. أريد مناقشة كيفية وتوابع تعامل مؤيدي الشرعية مع انقلاب 3 يوليو 2013م. مرَّ أكثر من عام على هذا الانقلاب ولم نرَ حتى بوادر للنصر... ألم يتسآل البعض ولو مرة ماذا تحقق من المظاهرات؟

ألا توجد ساعة للحساب وإعادة النظر فيما آلت إليه الأمور وماذا حققنا من انتصارات وفيما أخفقنا و....و....؟

أين التخطيط وأين التقييم في كل هذه الأحداث؟

ألا يجب على الإنسان أن يراجع نفسه وأعماله ويقيمها طبقًا لدينه؟

لِمَ لا ننظر في أمر المظاهرات التي ملأت جميع أركان البلاد ونقيّم آدائها وما أجلبته علينا من إيجابيات أو سلبيات؟

دعونا نتصور -فرضًا- أن المظاهرات "نجحت"، ماذا بعد وكيف سيتم التغيير؟!

أي ماذا يتصور المتظاهرون أن يحدث في حال أن مظاهراتهم نجحت؟!

هل يتصورون أن يرحل السيسي مثلًا هو وحاشيته خارج البلاد؟!

هل ينتظرون أن ينقلب الجيش على السيسي ويُسلِّم السلطة للمدنيين؟!

هل يتصورون مثلًا أن الحرس الجمهوري سيدعهم يقتحمون القصر الجمهوري ويجلسوا على كرسي الرئاسة وبذلك يكونوا قد أسقطوا الانقلاب؟!

ما هي سيناريوهات النجاح التي دارت في أذهان المعدِّين والمنفذين لتلك المظاهرات؟!

دعونا نُفنِّد بعض الحجج التي تساند مقاومة الانقلاب عن طريق المظاهرات...

البعض يقول أن الدين الإسلامي يدعو للتظاهر ضد الحاكم الجائر كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «خير الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر»[1]..

رغم أن هذا الحديث ذكره الكثير من المحدثين بأنه منكر أو مرسل ولم يصح عن الرسول.. نقول لو صح لما كان مطلقًا أي لا يجوز دوام قول كلمة الحق عند سلطان جائر إذا استمر في ظلمه وطغيانه. ولو كان هذا صحيحًا لاستمر الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوة قريش للإسلام إلى أن يتوفاه الله.. ولكن! وبعد أن تجبَّرت قريش في عصيانها وطغيانها كان على الرسول صلى الله عليه وسلم ورفاقه أن يهاجروا إلى مكان يؤويهم ويؤوي رسالتهم حتى يتمكنوا فيما بعد بالبأس والقوة من القضاء على أهل قريش الظالمين. وأهل قريش لم يكونوا غرباء على الرسول صلى الله عليه وسلم ورفاقه بل كانوا أقاربهم وعشيرتهم كما هو الحال بين مؤيدي الشرعية ومؤيدي الانقلاب.

الصراحة لا أجد أي حق لدى كل دعاة المظاهرات السلمية -بعد ما شاهدناه على مدار أكثر من عام من مجازر دموية في حق الأبرياء وشرفاء هذه البلد- ناهيك عن كل الانتهاكات الأخرى التي يتعرّض لها المقاومين لهذا الانقلاب يوميًا من اعتقالات واغتصابات وسلب للممتلكات.

من الناحية الشرعية أباح الله عز وجل للذين ظُلموا أن يقاتلوا من ظلمهم... قال تعالى في كتابه: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج:39].

مع مراعاة الأصول الشرعية في القصاص ومن يتولى التنفيذ.

إذن.. فلا يوجد سند في الدين أو العقل لكل من ينادي لمظاهرات لا تغنِ ولا تسمن من جوع فضلًا عن الأذى الذي تلحقه بأصحابها. ولذلك تكون المظاهرات لغة المنبطحين الذين عاتبهم الله في آياته: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا . الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [75-76].

ختامًا نسأل الله أن يُرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه.

ـــــــــــــــــــــــــ

[1]- (حسَّنه السيوطي).




محمد برهان السيوي

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام