قضايا الحاكمية تأصيل وتوثيق - (19) الإمام إذا نُصِّب ثم فسَق يُخلع
فمَن أجاز اتباعَ شريعةٍ غير شريعة الإسلام؛ وجبَ خَلعُه، وانحلَّت بَيعتُه، وحَرُمَتْ طاعتُه؛ لأنَّه في مثل هذه الحالة يستحقُّ وصفَ الكُفر..
بالإجماع: لا يجوز عقْدُ الإمامةِ لفاسقٍ ابتداءً، ومتى وُجِد؛ وجبَ الخَلْعُ!
وقوله تعالى: {قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة من الآية:124]: استدلَّ جماعةٌ من العلماء بهذه الآية؛ على أن الإمام يكون من أهل العدل والإحسان والفضل، مع القوة على القيام بذلك، وهو الذي أمر النبيُّ عليه السلام، ألَّا ينازعوا الأمر أهلَه، فأما أهلُ الفُسوق والجَور والظلم؛ فليسوا له بأهل، لقوله تعالى: {قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}، ولهذا خرَج ابنُ الزبير، والحسن بن علي رضي الله عنهم، وخرج خيارُ أهل العراق وعلماؤهم على الحجَّاج، وأخرج أهلُ المدينة بني أميَّة وقاموا عليهم، فكانت الحرَّة التي أوقعها بهم مسلم بن عقبة..
قال ابن خويز منداد: "وكلُّ مَن كان ظالمًا لم يكن نبيًا ولا خليفةً ولا حاكمًا"!
ثم قال القرطبي: "لا خلاف بين الأمَّة، أنه لا يجوز أن تُعقد الإمامةُ لفاسق".
المسألة الثالثة عشرة: الإمام إذا نُصِّب ثم فسَق بعد انبرام العقد..
فقال الجمهور: "إنه تَنفسخ إمامتُه ويُخلع بالفسق الظاهر المعلوم، لأنه قد ثبت أن الإمام إنما يُقام لإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، وحفظ أموال المعلوم الأيتام والمجانين، والنظر في أمورهم، إلى غير ذلك مما تقدم ذكره، وما فيه من الفسق؛ يُقعده عن القيام بهذه الأمور والنهوض بها، فلو جوَّزنا أن يكون فاسقًا؛ أدَّى إلى إبطال ما أقيم لأجله، ألا ترى في الابتداء، إنما لم يَجز أن يُعقد للفاسق، لأجل أنه يؤدي إلى إبطال ما أقيم له؟! وكذلك هذا مثله" (القرطبي رحمه الله، في تفسيره).
وقال القاضي عياض رحمه الله: "فلو طرأ عليه كفرٌ، وتغييرٌ للشرع، أو بدعةٌ؛ خرَج عن حُكم الولاية، وسقطَتْ طاعتُه، ووجبَ على المسلمين القيامُ عليه، وخلعُه، ونَصبُ إمامٍ عادلٍ، إن أمكنَهم ذلك" (النووي رحمه الله، في شرحه على مسلم).
"فمَن أجاز اتباعَ شريعةٍ غير شريعة الإسلام؛ وجبَ خَلعُه، وانحلَّت بَيعتُه، وحَرُمَتْ طاعتُه؛ لأنَّه في مثل هذه الحالة يستحقُّ وصفَ الكُفر" (ابن تيمية رحمه الله، في الفتاوى المصرية، ومجموع الفتاوى).
أبو فهر المسلم
باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله
- التصنيف: