مكاتبات ابن باز - إلى أهل بلدة نعجان
رسالة وجدت في طي رسائل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، وقد كتبها إلى أهل بلدة نعجان لما كان قاضيًا في الدلم،
رسالة وجدت في طي رسائل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، وقد كتبها إلى أهل بلدة نعجان لما كان قاضيًا في الدلم، وذلك في 14/7/1361هـ أي لما كان عمره إحدى وثلاثين سنة، وقد كتبها إليهم يحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه من إخواننا أهل نعجان سلك الله بي وبهم سبيل أهل الإيمان، وجعلني وإياهم من المتعاونين على ما يرضي الرحمن آمين.
سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فالموجب لهذا إخباركم بأن الله سبحانه قد أوجب علينا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى، ولا قوام للإسلام والمسلمين في أمر دينهم ودنياهم إلا بذلك، قال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104]، وقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110]، وقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2]، وقال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ . كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:78، 79].
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «
». وجاء عنه أنه قال: « ».فدلت هذه الآيات والأحاديث على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى ولا صلاح للعباد في معاشهم، ومعادهم إلا بذلك، فإذا قاموا بما أوجب الله عليهم سعدوا، وتم لهم أمر دينهم ودنياهم، وكثر الخير، وقل الشر. وإذا غفلوا، وأهملوا استحقوا المقت من الله، والبعد منه، وحلول العقوبة، وفشا فيهم الشر، وقل الخير.
وقد غلب على أكثر الناس اليوم التساهل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتكاسل عن الصلوات، والتخلف عنها في الجماعة، والوقوف في مواقف التهم، والدخول على النساء الأجانب، وكل هذه المنكرات وأشباهها بسبب ضعف الإيمان، والرغبة في الدنيا، وعدم الاهتمام بأمر الآخرة، وعدم التناصح بين المسلمين، والتعاون على البر والتقوى إلا من رحم الله.
فمن أجل ذلك نقص الدين، وعظمت غربته، وغلبت الأهواء؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون، ونسأله تعالى أن يردنا جميعًا إلى التوبة الصادقة، وأن يوفقنا وجميع المسلمين للقيام بما يرضيه، واجتناب ما يسخطه آمين.
وقد عَيَّنا في البلد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ستة من خواص الجماعة، وهم المطوع محمد بن عتيق، وابنه إبراهيم، وحمد بن فهيد، وأخوه فهد، وحمد بن سيف، وزيد الزيد، وأمرناهم يتفقدون أحوال الجماعة، ويمشون بالليل، ومن عرف بالتخلف عن الصلاة في الجماعة يزجرونه، ويؤدبونه حتى يرتدع هو وأمثاله، ومن عرف بالكسل عن الصلاة، وكونه يقضي دائمًا ينصحونه، ويعظونه، فإن نفع فيه ذلك فالحمد لله، وإن غلب عليه الكسل يزجر، ويؤدب، كذلك من وقف في مواقف التهم، أو عرف بالدخول على النساء الأجانب فقد أمرنا النواب المذكورين ينصحونه، ويزجرونه فإن عاد إلى مثل ذلك فيؤدب أدبًا يردعه وأمثاله، ومن عرف بشرب الدخان يزجر ويؤدب أدبًا بليغًا؛ لأن الدخان من الخبائِث المضرة المحرمة، كذلك من عرف بالمبيت خارج بيته، وترك نسائه ومحارمه يزجر عن ذلك، ويلزم بالمبيت عند محارمه فإن عاد إلى مثل ذلك فيؤدب حتى يرتدع، ومن عارض النواب المذكورين، أو وقف في وجوههم بالكلام الرديء فلا يلومن إلا نفسه، وسيرى منا إن شاء الله ما يكره.
وفقنا الله وإياكم لما يرضيه في القول والعمل، ونصر دينه، وأعلى كلمته، وحفظ إمام المسلمين بطاعته، ورعاه برعايته إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هذا ما لزم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
14/7/1361هـ
هذا وقد قرأت الكتاب الآنف الذكر على سماحة الشيخ في صباح يوم الأحد 9/1/1420هـ. (محمد الموسى).
عبد العزيز بن باز
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقا -رحمه الله-
- التصنيف: