زاد المعاد - هدي الحبيب في سفره وعبادته فيه (5)

منذ 2014-11-03

هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وعبادته في السفر.

وكان من هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاةُ التطوع على راحلته حيث توجَّهت به، وكان يُومئ إيماءً برأسه في ركوعه، وسجوده، وسجودُه أخفضُ مِن ركوعه، وروى أحمد وأبو داود عنه، مِن حديث أنس، أنه كان يستقبِل بناقته القِبلَة عند تكبيرة الافتتاح، ثم تصلي سائرَ الصلاة حيث توجَّهت به. وفي هذا الحديث نظر، وسائر من وصف صلاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على راحلته، أطلقوا أنه كان يُصلي عليها قِبَلَ أيِّ جهة توجَّهت به، ولم يستثنوا من ذلك تكبيرة الإِحرام ولا غيرَها، كعامر بن ربيعة، وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وأحاديثُهم أصحُ مِن حديث أنس هذا، والله أعلم.وصلى على الراحلة، وعلى الحمار إن صح عنه، وقد رواه مسلم في (صحيحه) من حديث ابن عمر.

وصلى الفرضَ بهم على الرواحل لأجل المطر والطين إن صح الخبرُ بذلك، وقد رواه أحمد والترمذي والنسائي أنه عليه الصلاة والسلام انتهى إلى مضيق هو وأصحابُه وهو على راحلته، والسَّماء مِن فوقهم، والبِلَّةُ من أسفلَ منهم، فحضرتُ الصلاةُ، فأمر المؤذِّن فأذن، وأقام، ثم تقدَم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على راحلته، فصلى بهم يُومى إيماءً، فجعل السجود أخفضَ من الركوع.
قال الترمذي: حديث غريب، تفرد به عمر بن الرماح، وثبت ذلك عن أنس من فعله.


وكان من هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه إذا ارتحل قبل أن تَزيغ الشمسُ، أخَّر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل، فجمع بينهما، فإن زالت الشمسُ قبل أن يَرتَحِلَ، صلَّى الظهر، ثم ركب.

وكان إذا أعجله السيرُ، أخَّر المغربَ حتى يجمع بينها وبين العشاء في وقت العشاء. وقد رُوي عنه في غزوة تبوك، أنه كان إذا زاغت الشمسُ قبل أن يرتحِل، جمع بين الظهر والعصر، وإن ارتحل قبل أن تزيغ الشمس، أخَّر الظهر حتى ينزل للعصر، فيصليهما جميعًا، وكذلك في المغرب والعشاء، لكن اختلف في هذا الحديث، فمن مصحح له، ومن محسن، ومن قادح فيه، وجعله موضوعًا كالحاكم، وإسناده على شرط الصحيح، لكن رُمي بعلّة عجيبة، قال الحاكم: حدثنا أبو بكر بن محمد بن أحمد بن بالويه، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا الليث بنُ سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطُفيل، عن معاذ بن جبل، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل أن تزِيغ الشمس، أخَّر الظهر حتى يجمعها إلى العصر، ويُصليَهما جميعًا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس، صلى الظهر والعصر جميعًا، ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل المغرب، أخَّر المغرب حتى يُصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب،عجل العشاء فصلها مع المغرب.

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
هدي الحبيب في سفره وعبادته فيه (4)
المقال التالي
هدي الحبيب في سفره وعبادته فيه (6)