في استقبال عام جديد

منذ 2014-10-28

وسرعة مرور الأيام تتطلب اغتناماً للفراغ قبل الشغل، والشباب قبل الهرم والصحة قبل السقم والحياة قبل الموت والغنى قبل الفقر.

انقضى عام 1435 الهجرى، ونستقبل عاماً هجرياً جديداً، ونسأل الله تعالى أن يهله علينا وعليكم بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، وأن يكون مفتاح العام وهو شهر الله المحرم هلال رشد وخير، وهكذا تمضي السنة تلو السنة، نأكل أرزاقنا ونقضى آجالنا، اليوم يهدم الشهر والشهر يهدم السنة، والعمر يقود إلى الأجل، والحياة تقود إلى الموت، وفى الحديث «كُنْ في الدُّنيا كأنَّك غريبٌ أو عابرُ سبيلٍ» (صحيح ابن حبان)، وكان ابن عمر رضى الله عنهما يقول: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك".

وسرعة مرور الأيام تتطلب اغتناماً للفراغ قبل الشغل، والشباب قبل الهرم والصحة قبل السقم والحياة قبل الموت والغنى قبل الفقر، وفى الحديث «بادِروا بالأعمالِ سبعًا، هل تنتِظرونَ إلَّا مرضًا مُفسدًا، وهَرمًا مُفندًا، أو غنًى مطغيًا، أو فَقرًا مُنسيًا، أو موتًا مُجهِزًا، أو الدَّجالَ، فشرُّ مُنتظَرٍ، أو السَّاعةُ، والسَّاعةُ أدهَى وأمَرُّ» (الألباني - السلسلة الضعيفة)، وأعذر الله إلى رجل بلغ به ستين سنة {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} [فاطر:37]، وكم من مستقبل يوماً لا يستكمله، ومنتظر غداً لا يبلغه، لو أدركتم الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره.


انتقل البعض إلى ربه نسأل الله تعالى لهم المغفرة والرحمة، وأن يكونوا قد وفقوا للإجابة على الأسئلة الثلاثة: من ربك؟ وما دينك؟ وماذا تقول فى الرجل الذى بُعث فيك؟ ومن طال عمره أن تكون أنفاسه وأقواله وأفعاله وحياته صالحة للإجابة على هذه الأسئلة، وأنت بين أجلين، بين أجل قد مضى لا تدري ما الله صانع فيه، وأجل قد بقى لا تدري ما الله قاضٍ فيه، والأمان غداً لمن باع قليلاً بكثير ونافذاً بباق وقدموا لأنفسكم {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران:30].

انقضى عام بأحزانه والأمه، بأحداثه وخياناته ومؤامراته {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [النور:11]، {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة:216].

الدروس المستفادة كثيرة، ونستقبل عاماً لا نحتاج للإتيان بالعرافين والكهان، ولضرب الودع وقراءة الكف والفنجان، فالرجم بالغيب لا يجوز {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن:26]

و لكن نستبشر الخير، ونحسن المسير إلى الله، ونقيم واجب العبودية فى العسر واليسر، والمنشط والمكره، نتأسى بالأنبياء والمرسلين {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام:90]. ونرجع لمثل ما كان عليه النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21]، ولسان الحال قبل المقال يهتف {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه:84]، فالحياة بغير الله سراب {يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [النور: 39].

المصدر: صحيفة الأمة الإلكترونية

سعيد عبد العظيم

من مشاهير الدعاة في مصر - الاسكندرية.