من مواقف الصديق

منذ 2014-11-06

وقف الصفح موقف عظيم وموقف العفو موقف كريم، ولكن! أن تتفضل بالمن والعطاء على من أخطأ في عرضك وولغ في شرفك، فهذا والله هو الموقف الأعظم والأصعب.

موقف الصفح موقف عظيم وموقف العفو موقف كريم، ولكن! أن تتفضل بالمن والعطاء على من أخطأ في عرضك وولغ في شرفك، فهذا والله هو الموقف الأعظم والأصعب.

- قال تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22].

قال ابن كثير: "هذه الآية نزلت في الصدِّيق، حين حلف ألا ينفع مِسْطَح ابن أثاثة بنافعة بعد ما قال في عائشة ما قال، فلما أنزل الله براءةَ أمِّ المؤمنين عائشة، وطابت النفوس المؤمنة واستقرت، وتاب الله على مَن كان تكلَّم من المؤمنين في ذلك، وأُقيم الحدُّ على مَن أُقيم عليه، شَرَع تبارك وتعالى، وله الفضل والمنة، يعطِّفُ الصدِّيق على قريبه ونسيبه، وهو مِسْطَح بن أثاثة، فإنَّه كان ابن خالة الصديق، وكان مسكينًا لا مال له إلا ما ينفق عليه أبو بكر رضي الله عنه، وكان من المهاجرين في سبيل الله..

وقد وَلَق -الولق: أخف الطعن (انظر: لسان العرب لابن منظور:10/383)- وَلْقَة تاب الله عليه منها، وضُرب الحدَّ عليها، وكان الصديق رضي الله عنه معروفًا بالمعروف، له الفضل والأيادي على الأقارب والأجانب، فلما نزلت هذه الآية إلى قوله: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي: فإنَّ الجزاء من جنس العمل، فكما تغفر عن المذنب إليك نغفر لك، وكما تصفح نصفح عنك..

فعند ذلك قال الصديق: بلى، والله إنَّا نحبُّ -يا ربنا- أن تغفر لنا، ثم رَجَع إلى مسطح ما كان يصله من النفقة، وقال: والله لا أنزعها منه أبدًا، في مقابلة ما كان قال: والله لا أنفعه بنافعة أبدًا، فلهذا كان الصديق هو الصديق رضي الله عنه وعن بنته" (تفسير القرآن العظيم لابن كثير:6/31). 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.