قضايا الحاكمية تأصيل وتوثيق - (42) من روائع ودُرر شيخ الإسلام، في الحاكمية!

منذ 2014-12-01

"كان عمر بن الخطاب في مسائل النزاع، مثل مسائل الفرائض والطلاق؛ يرى رأيًا، ويرى عليُّ بن أبي طالب رأيًا، ويرى عبد الله بن مسعود رأيًا، ويرى زيد بن ثابت رأيًا، فلم يُلزم أحدًا أن يأخذ بقوله، بل كل منهم يُفتي بقوله! وعمر رضي الله عنه؛ إمامُ الأمَّة كلها، وأعلمهم وأدينهم وأفضلهم، فكيف يكون واحدٌ من الحُكام؛ خيرًا من عمر؟!".

قال رحمه الله تعالى، في (مجموع الفتاوى):

"فالحُجة على الخلق تقوم بالرسل، وما جاء به الرسولُ؛ هو الشرع الذي يجب على الخلق قبولُه، وإلى الكتاب والسُّنة؛ يتحاكم جميعُ الخلق".

"وقد فرض اللهُ على ولاةِ أمر المسلمين؛ اتباعَ الشرع؛ الذي هو: الكتابُ والسُّنة".

"فالحلال ما حلَّله اللهُ ورسولُه، والحرام ما حرَّمه اللهُ ورسولُه، والدِّين ما شرَعه اللهُ ورسولُه، وليس لأحدٍ أن يخرج عن شيءٍ، مما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الشرع الذي يجب على ولاة الأمر؛ إلزامُ الناس به، ويجب على المجاهدين الجهادُ عليه، ويجب على كل واحدٍ اتباعُه ونصرُه".

"والدعاوى التي يحكم فيها ولاةُ الأمور، سواء سُمُّوا قضاةً أو ولاةً ، أو تسمَّى بعضُهم في بعض الأوقات؛ ولاة الأحداث، أو ولاة المظالم، أو غير ذلك من الأسماء العرفية الاصطلاحية؛ فإن حكم الله تبارك وتعالى شاملٌ لجميع الخلائق! وعلى كلِّ مَن وَلي أمرَ الأمَّة، أو حكَم بين اثنين؛ أن يحكم بالعدل والقسط، وأن يحكم بكتاب الله، وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الشرع المُنزَّل من عند الله".

"والله سبحانه لم يرضَ بحَكمٍ واحدٍ بين الزوجين؛ إذا خِيف الشقاق بينهما، فإنه لا يعلم أيهما الظالم، وليس بينهما بيَّنة، بل أمر بحَكَمين؛ وألَّا يكونا مُتَّهمين.. فهنا لما اشتبه الحقُّ؛ لم يجعل الله الحُكم لواحد، وهو في قضية مُعينة بين زوجين. ولو حَكم حاكمٌ واحدٌ بين الزوجين في أمرٍ ظاهر؛ لم يَنفذ حكمُه باتفاق المسلمين! فكيف بأمور الدين والعبادات، التي يشترك فيها جميع المسلمين، وقد اشتبَهت على كثيرٍ من الناس؟! هذا بإجماع المسلمين؛ لا يَحكم فيه إلا اللهُ ورسولُه".

"ووليُّ الأمر إن عرف ما جاء به الكتاب والسنة؛ حَكم بين الناس به، وإن لم يعرفه، وأمكنه أن يعلم ما يقول هذا وما يقول هذا، حتى يعرف الحق؛ حكَم به. وإن لم يمكنه لا هذا ولا هذا؛ ترك المسلمين على ما هم عليه، كلٌّ يعبد الله على حسب اجتهاده! وليس له أن يُلزم أحدًا بقبول قول غيره وإن كان حاكمًا! وإذا خرج ولاةُ الأمور عن هذا.. فقد حكموا بغير ما أنزل الله، ووقع بأسُهم بينهم".

"وكان عمر بن الخطاب في مسائل النزاع، مثل مسائل الفرائض والطلاق؛ يرى رأيًا، ويرى عليُّ بن أبي طالب رأيًا، ويرى عبد الله بن مسعود رأيًا، ويرى زيد بن ثابت رأيًا، فلم يُلزم أحدًا أن يأخذ بقوله، بل كل منهم يُفتي بقوله! وعمر رضي الله عنه؛ إمامُ الأمَّة كلها، وأعلمهم وأدينهم وأفضلهم، فكيف يكون واحدٌ من الحُكام؛ خيرًا من عمر؟!".

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو فهر المسلم

باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله

المقال السابق
(41) انتفاء الأعذار عمَّن شرَّع للناس غير ما أنزل الله
المقال التالي
(43) لُغز المَداخلة والجاميَّة ومُقدِّسي الحُكَّام!