نداء تونس... بوادر حرب على الإسلاميين

منذ 2014-12-06

و(نداء تونس)، التجمع غير المتجانس الذي يضم شخصيات من اليسار ووسط اليمين ورموزًا من نظام بن علي وآخرين كانوا معارضين له، اعتمد في حملته الانتخابية لهجة منتقدة جدًا تجاه الإسلاميين وصانعي الثورة أيضًا.

بمجرد أن أفرزت عملية التصويت في الانتخابات التشريعية  فوز حزب نداء تونس بالمرتبة الأولى وبأغلبية المقاعد في البرلمان بـ 85 مقعدًا متقدمًا على حزب حركة النهضة الاسلامية، حتى خرج المشهد السياسي التونسي بتركيبة ومعادلة سياسية جديدة يقودها نداء تونس، الحزب المحسوب على النظام السابق بزعامة المرشح البارز للانتخابات الرئاسية الباجي قائد السبسي، ولتتدخل البلاد في فترة جديدة تبدو أنها منذ الوهلة الأولى فترة لن تكون مخالفة لغيرها متميزة بالأزمات والعواقب الوخيمة التي كثيرًا ما جرت البلاد إلى ما لا يحمد عقباه.

و(نداء تونس)، التجمع غير المتجانس الذي يضم شخصيات من اليسار ووسط اليمين ورموزًا من نظام بن علي وآخرين كانوا معارضين له، اعتمد في حملته الانتخابية لهجة منتقدة جدًا تجاه الإسلاميين وصانعي الثورة أيضًا.

ولعل التصريحات التي يدلي بها في كل مرة عضو بارز من حركة نداء تونس خير دليل على كون القادم لن يكون أفضل مما سبق. بل العكس من ذلك، تبدو البلاد مقبلة على مستقبل مجهول اثر تتالي التهديدات من الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية الذي بات يكشف عن عداءه للإسلام والإسلاميين، مما يحيل القول إلى كون نفس المنظومة هي التي حكمت البلاد لـ 30 سنة تعود اليوم من بوابة الديمقراطية العرجاء بصناديق الاقتراع وتعتلي المشهد السياسي وتستحوذ على مقاعد البرلمان.

وبدأت حرب التصريحات من طرف نداء تونس تجاه الثورة بقول أحد أبرز نوابها ذو التوجه اليساري سابقًا الطيب بكوش قائلًا: "سنحاكم كل من يقف وراء حملة المنصف المرزوقي وسنهدد وجود هذه الأحزاب الداعمة له"، وهو ما يؤكد على كون الوجوه التجمعية لا تزال على نفس مبادئ نظام بن علي بالحرب على الإسلام والإسلاميين والنية في شن حملة استئصالية بالكامل ضد التيارات الاسلامية والثورية، كما تم ذلك أواخر القرن الماضي في مشهد يعيد أذهان التونسيين لسنوات الجمر خلال حكم النظام السابق.

وظهر بعد ذلك العضو خميس كسيلة على شاشة التلفاز متوعدًا الشيخ بشير بن حسن اثر استقباله للدكتور محمد المنصف المرزوقي مؤكدًا على كون حزبه سيكون بالمرصاد للشيخ وسيتعامل بكل قوة تجاهه اثر تشكيل الحكومة، وبدأت مخاوف التونسيين من عودة شبح الظلم والسجن والاعتقال بكل أنواعه من طرف حزب نداء تونس الذي بدأ في السيطرة مجددًا فعليًا شيئًا فشيئًا على كل دواليب البلاد المهمة، وخصوصًا الأمنية.

وظهر ذلك واضحًا في عملية المحاكمة التي شملت الشابين أصيلي محافظة سليانة من شمال البلاد التونسية بتهمة الكتابة على الجدران ضد عودة ممارسات نظام التجمع القمعية والترهيبية، وكذلك بدأت عمليات الزج بالسجن للمدونين على شبكات التواصل الاجتماعية المعبرة على دعوتها إلى ضرورة القطع النهائي مع النظام السابق.

وخرج الباجي قائد السبسي بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية معلنًا عن حرب خفية قادمة على جهة الجنوب التونسي الذي صوت أغلبيته إلى الدكتور محمد المنصف المرزوقي معلنًا على كون هذه الجهة عليها الالتحاق بركب الوطنية، موجهًا كلامًا جارحًا تجاه مناضلي هذه الرقعة الجغرافية من البلاد التي تعد ركيزة من ركائز النضال الوطني على طول الزمن  وخاصة خلال الحقبة الاستعمارية، قبل أن تخرج مظاهرات منددة على تصريحات السبسي تاركة غضبا شعبيًا واسعًا.

ولم يكتفي السبسي بهذا التصريح بل وجه كلامًا خطيرًا أخر تجاه أكثر من مليون مواطن تونسي صوتوا للدكتور محمد المنصف المرزوقي في الانتخابات الرئاسية بقوله: "إن هؤلاء سلفيون ومتطرفون" مخلفًا غضبًا عارمًا لدى الأوساط التونسية، في كلام صريح بكون الحرب القادمة هي متجددة على الاسلام والإسلاميين . 

وأكد الباجي قائد السبسي خلال اجتماع المكتب التنفيذي لحزب نداء تونس أن فكرة التحالف مع حركة النهضة في الحكومة القادمة كانت مرفوضة منذ البداية ،وهي اليوم مرفوضة شكلًا ومضمونًا مهما كانت التكاليف وذلك لأن النهضة "عملت ضدنا ومنحوا أصواتهم للمرزوقي واليوم يجيشون الجنوب ضدنا"، وفقا لما أوردته جريدة العرب اللندنية، وهو ما يحيل القول على كون حربهم لن تخرج عن ما تم فعله في سنوات الجمر للمنظومة السابقة ضد الإسلاميين.

كل هذه المعطيات المقدمة لا تشير إلى كون هناك بوادر واضحة وصريحة المعالم لحرب على الإسلاميين بمختلف توجهاتهم من طرف حزب نداء تونس الذي يعد امتداد لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي.

 

 

زياد عطية

المصدر: مجلة البيان