الأطفال واللعب
فألاباء والأمهات الذين يحرمون أطفالهم من اللعب إنما يحرمونهم من حاجه أساسيه للنمو.
يعتبر اللعب بمثابة الشغل الشاغل بالنسبة للصغار، حياتهم كلها فى اللعب، فهو بالنسبة لهم موجهًا للتكيف الاجتماعي والانفعالي.
واللعب ظاهرة نمائية اجتماعية, لها تأثير مباشر على نمو الطفل الاجتماعي، والخُلقي، وتأهيلهم لعالم الكبار، وهو جزء لا يتجزاء من حياته، فلا ينبغي أن يستهان به، فيحدث تصادم مع ما فُطِروا وجبلوا عليه.
ويتضح لنا أهمية ظاهرة اللعب فى حياة الطفل عند النظر فى قصه يوسف عليه السلام مع إخوته، حيث كان يعقوب عليه السلام يميل إلى يوسف على باقي إخوته لأنه عَلِمَ من خلال رؤيا يوسف أنه نبي، فخاف عليه من إخوته، ولم يتركه لهم، يذهب ويأتي معهم مثل إخوته، ولم يتركه يذهب معهم، عرضوا عليه أنه سيلعب، ويرتع معهم، إذًا هو تركه لهم.
قال تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ. أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ. قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ} [يوسف: 11-13}.
فما كان يعقوب ليترك يوسف مع إخوته لهدف وغاية عظيمة الأهمية.
يقول ابن قُدامة فى منهاج المسلم: "يُحسن له بعد خروجه من المكتب إن يَفْسِح له فى لعب جميل، ليستريح به من تعب التأديب، كما قيل: رَوِّح القلوب تَعِ الذكر".
وقد وردت أحاديث كثيرة تقيد أنه صلى الله عليه وسلم يُلاطف الأطفال، ويلاعبهم، ويعطيهم الحرية فى اللعب، وكذلك فعل الراشدون، وسائر الصحابة من بعده، ومن هذا أنه صلى الله عليه وسلم مَرَّ على نفر من أسلم ينضلون فقال: «ارموا بنى إسماعيل فإن أباكم كان راميًا، ارموا وأنا مع بنى فلان» (صحيح البُخاري:3507) فأمسك أحد الفريقين.
عن الرمي؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «
» (صحيح البُخاري؛ رواية سلمة بن الأكوع: 2899).كما أنه يمكن عن طريق اللعب أن تَبث فى الأطفال الأخلاق الحسنة؛ كالصدق، والأمانة وغيرها، وتحزرهم من الأخلاق الذميمة؛ كالكذب، والخيانة، والغش، والألفاظ البذيئة ونحو ذلك.
يقول الغزالي: "ينبغى أن يؤذن للصبي، بعد الانصراف من الكُتاب أن يلعب لعب جميلًا، يستريح إليه من تعب الكُتب، بحيث لا يتعب فى اللعب، فإن مُنِعَ الصبي عن اللعب، وإرهاقه بالعلم، يُميت قلبه، ويبطل ذكاءه، وينغص عليه العيش".
يقول ابن سينا: "إذا انتبه الصبي من نومه؛ فالأحرى أن يستحم، ثُم يُخلي بينه وبين اللعب ساعة، ثم يُطعم شيئًا يسيرًا، ثم يطلق له اللعب وقتًا أطول، ثم يستحم ويتغدى، وإذا بلغ ست سنوات؛ فيجب أن يُقدم إلى المؤدب والمعلم، ويدرج أيضًا فى ذلك، فلا يُحْمَل على ملازمة الكتاب كره واحدة".
إذن لا بد أن يتيح الوالدان للطفل الفرصة فى اللعب، حيث أن اللعب نشاط جسمي، وذهني، وانفعالي، يشمل نفسية الطفل، وحياته العامة، واللعب طبيعة فطرية فى الطفل والطفلة، جعلها الله تعالى غريزة فى نفسه، لكى ينمو جسمه نموًا طبيعيًا بشكل قوى، فاللعب يطور عقلية الطفل وجسده.
ولذا لا ينبغي أن ينظر الوالدان إلى اللعب على أساس أنه غير ضرورى للطفل، فألاباء والأمهات الذين يحرمون أطفالهم من اللعب إنما يحرمونهم من حاجه أساسيه للنمو، حيث أن اللعب النشيط ضروري لنمو العضلات، وتمرينها، ومن خلاله يتعلم الطفل المهارات الجسمية.
محمد سلامة الغنيمي
باحث بالأزهر الشريف
- التصنيف: