حوار حول السبب والنتيجة بين الفلسفة والدين والعلم
افترض أننا قلنا أن اشتعال النار هو سبب احتراق الورق، كان يمكن منطقيًا في كون موازي -مثلًا- أن لا يحترق الورق إن وُضِع في النار
سؤال: لكل حدث في الحياة الواقعية مسبب، ولكل مسبب مسبب آخر يمكننا تفسيره منطقيًا، ويمكننا التنبؤ بالأحداث المستقبلية في بعض الأحيان عن طريق توقع الأحداث بالشكل المتسلسل الذي اعتدنا عليه، والذي هو الأخر قَابِل أيضًا للتغير نتيجة حدث منطقي، أين ترى قدرة الله في تسبيب الأسباب هنا؟
جواب: لو كان الحدث (أ) هو سبب الحدث (ب)، فإن (أ) كان من الممكن (منطقيًا) ألا يكون ليس سببًا لـ (ب)، لكن من جعله (واقعيًا) سببًا لـ (ب) هو الله عز وجل.
سؤال: عذرًا؛ لم تصلني فكرة إجابتك حتى الآن، لا أعلم ربما قصور في فهمي، أو عدم وضوح في سؤالي على جميع الأحوال، شكرًا.
جواب: لا عليك، سأشرح لك وجهة نظري، افترض أننا قلنا أن اشتعال النار هو سبب احتراق الورق، كان يمكن منطقيًا في كون موازي -مثلًا- أن لا يحترق الورق إن وُضِع في النار، هذه العلاقة السببية كان من الممكن أن لا تكون موجودة لو أن الله أراد ذلك.
مثلًا: في عدم احتراق إبراهيم عليه السلام بالنار، ماذا حدث؟ الله تعالى فك علاقة السببية حينها بين وجود إبراهيم في النار وبين احتراقه. كذلك من الممكن من الأصل -أو في كون مواز- ألا تكون هذه العلاقة قائمة أصلًا. لذلك فوجود ما نسميه السبب والمُسَبَب شرط ضروري وليس كافي لحدوث المُسبب بعد السبب، لكن ما جعل الشرط كافيًا هو أن الله ربط بينهما بهذه العلاقة، وهي أنه كلما حدث السبب حدث بعده المُسَبَب، أرجو أن أكون قد نجحت في توضيح وجهة نظري.
سؤال: ما قلته سليمًا، لكنني لم أجد إثباتًا له إلا في إطار المعجزات، هل لديك ما يدعم هذه الفكرة في الزمن الحالي؟
جواب: نعم، ميكانيكا الكم. http://cleardeepthin...og-post_18.html
نتيجة تسخير الله الكون لنا ككائنات ماكروسكوبية فالأسباب كلاسيكيًا تسبق المُسببَات، وكي يتضح أن الله هو مسبب الأسباب يجب أن تنفك هذه المُسَبَبات عن أسبابها مؤقتًا كي نعلم أن الأسباب ليست في حقيقتها هي المُسَبِبة! لأنه لو كانت هذه حقيقتها لظلت دائمة، وهذا يحدث في حالتين: المعجزة، وميكانيكا الكم.
أما عن التعميم فهو موجود لكن باحتمالية قليلة جدًا، لأن ميكانيكا الكَم تنطبق على واقعنا الماكروسكوبي، لكن الفرق عن العالم الميكروسكوبي أنه في العالم الميكروسكوبي الاحتمالية لانفكاك السبب عن المُسَبَب هو أن الاحتمالية أكبر فحسب، لكن لا يوجد فرق من حيث المبدأ.
والله أعلم.
سبحانك اللهم، وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران.
أحمد كمال قاسم
كاتب إسلامي
- التصنيف: