إلى الإسلاميين بتونس.. احذروا هذا الكمين

منذ 2014-12-08

الحزب الفائز في تونس أو على الأصح "التحالف" المسمى بنداء تونس يتزعمه رجل من الدولة العميقة حيث تولى أكثر من حقيبة وزارية في عهد الرئيس الأسبق بورقيبة وعاد بعد الثورة ليجني ثمارا لم يضع بذرتها ومع ذلك تغاضى العلمانيون عن ذالك ولم يوجهوا له الاتهامات التي وجهت زورا من قبل للإسلاميين "بسرقة الثورة"!.

خسر الإسلاميون في تونس الأغلبية التي كانوا يتمتعون بها في المجلس التأسيسي بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة ولكنهم تمكنوا من الحصول على أكبر كتلة موحدة الأهداف في البرلمان وهو إنجاز جيد بعد التآمر الذي تعرضوا له من قبل إعلاميين علمانيين وبعض المحسوبين على نظام بن علي في ظل حملة واسعة ومنظمة ضد كل ما هو إسلامي في العالم العربي, وكالعادة ستنحسر هذه الحملة عن تعاطف واسع مع الإسلاميين بعد أن تظهر حقيقة المتورطين في المؤامرة.
 
الحزب الفائز في تونس أو على الأصح "التحالف" المسمى بنداء تونس يتزعمه رجل من الدولة العميقة حيث تولى أكثر من حقيبة وزارية في عهد الرئيس الأسبق بورقيبة وعاد بعد الثورة ليجني ثمارا لم يضع بذرتها ومع ذلك تغاضى العلمانيون عن ذالك ولم يوجهوا له الاتهامات التي وجهت زورا من قبل للإسلاميين "بسرقة الثورة"!.
 
المهم أن هذا الحزب استفاد من الفترة التي حكمت فيها حركة النهضة بالاشتراك مع حزبين آخرين حيث تحملت النهضة على وجه الخصوص جميع سلبيات نظام بن على بالإضافة لحالة عدم الاستقرار التي عادة ما تعقب جميع الثورات وقدم الباجي السبسي نفسه للشعب في صورة "المنقذ" ولعب أسهل دور يمكن أن يلعب في هذه الظروف وهو دور "المنظر والمعارض والمنتقد" وبما أن الشعوب العربية وصلت إلى أقصى ما يمكن من الإحباط وتريد أن تتعلق بـ "قشة" من أجل ألا تغرق فقد فاز حزب السبسي بأغلبية نسبية في الانتخابات الأخيرة  وأول تصريح له قال أنه يمكن أن يتعاون مع الأحزاب "الديمقراطية" لتشكيل الحكومة الجديدة, في إشارة لاستبعاد حزب النهضة الذي طالما انتقده وهاجمه ولكن ومع قرب الاستحقاق الرئاسي وترشح السبسي له بدأت اللهجة تتغير وأصبح أكثر لطفا مع الإسلاميين في محاولة للحصول على أصواتهم لكي يسيطر على كل الأوراق في البلاد وبعد ذلك يدير لهم ظهره, وليس من المستبعد أن يقوم عندئذ بحلهم واعتبارهم حزبا "إرهابيا" بين ليلة وضحاها بعد أن كان يضع يده في أيديهم كما فعل غيره!..لقد انتشرت أخبار عن لقاء بين السبسي وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي للترتيب لتحالف يضمن دخول النهضة الحكومة القادمة مقابل دعم السبسي في الانتخابات الرئاسية.
 
المرشح الأقوى أمام السبسي هو الرئيس الحالي المنصف المرزوقي وهو يساري أثبت اعتداله وإيمانه الحقيقي بالمشاركة وبالثورة ورفض الانقلابات العسكرية واضطهاد الإسلاميين بدعوى الحرب على "الإرهاب" ودافع بقوة عن حقوق الأحزاب الإسلامية في التواجد والعمل السيساسي, وهي مواقف إيجابية تحسب للرجل وما دامت النهضة قد قررت عدم ترشيح أحد للرئاسة ـ وهو توجه جيد ـ فليس اقل من عدم الوقوع في كمين وإغراء العلماني المتطرف الباجي السبسي وشركاؤه الذين لا يختلفون عن نظرائهم في دول أخرى صنعوا بطولاتهم على جثث الإسلاميين ثم اختفوا  من الساحة أو تعاونوا مع الأنظمة المستبدة والقمعية.
 
مواقف السبسي من الثورات العربية والمناهضين لها تكشف عن حقيقة الرجل وأي محاولة للدخول في صفقات معه لن تفيد احد سواه وستكون وبالا على الثورة وأحلام الثائرين والمطحونيين الراغبين في حياة أفضل...إن السبسي استغل حكم النهضة في تقوية شعبيته مدعيا أنه يملك الحلول هو وأنصاره فليتقدم الصفوف وليحكم وليركب في نفس السفينة التي كانت فيها النهضة من قبل حتى يعلم الشعب التونسي من أصحاب العمل الحقيقي ومن أصحاب الكلام النظري؟ وليأخذ حقه العادل هو وأمثاله من الشعبية إن كان يملك مقوماتها وليست الشعبية المزيفة والمبنية على الفبركة الإعلامية وتلمس النواقص والأخطاء..على الإسلاميين أن يتعلموا من دروس التاريخ والجغرافيا وأن يكفوا عن منح أعدائهم الخناجر ليطعنوهم بها.

خالد مصطفى