سنة العراق بين الثورة والسياسة

منذ 2014-12-08

بعد انسحاب رئيس الوزراء العراقي الطائفي نوري المالكي من الترشح لولاية جديدة إثر ضغوط داخلية وخارجية وتكليف حيدر العبادي بدلا منه بدأ الحديث عن الأوضاع السياسية في البلاد وهل يمكن حل الأزمات القائمة في البلاد جراء الممارسات الطائفية بشكل سياسي بعيدا عن الثورة التي أعلنتها العشائر ضد قوات المالكي ومليشياته.

بعد انسحاب رئيس الوزراء العراقي الطائفي نوري المالكي من الترشح لولاية جديدة إثر ضغوط داخلية وخارجية وتكليف حيدر العبادي بدلا منه بدأ الحديث عن الأوضاع السياسية في البلاد وهل يمكن حل الأزمات القائمة في البلاد جراء الممارسات الطائفية بشكل سياسي بعيدا عن الثورة التي أعلنتها العشائر ضد قوات المالكي ومليشياته.
 
وللإجابة عن هذا الأمر يجب لفت الانتباه إلى أن انسحاب المالكي لم يأت من فراغ ولكنه نتاج الثورة العشائرية التي تمكنت من إرسال رسائل إنذار واضحة لإيران وللدول الغربية معا بعد أن سيطرت على مساحة شاسعة من الأراضي وفشل المليشيات الشيعية المدعومة من إيران في استعادتها طوال الفترة الماضية وخوفا من خروج الأمر عن نطاق السيطرة واجتياح بقية الأراضي العراقية وزوال دولة الشيعة الإيرانية من بغداد جاءت الضغوط على المالكي من الشيعة ومن الغرب ومن إيران لإنقاذ ما يمكن إنقاذه...
 
محاولة إلهاء السنة بالعملية السياسية وإدخالهم في دوامة الصراعات حول المناصب وسيلة قديمة ومعروفة من اجل تسكين الشعور الثوري المتنامي وإفراغه من محتواه وتحجيمه في أضيق الحدود بعد الإنجازات التي حققها والتي فاقت توقعات الكثيرين..الأزمة الحقيقية في العراق ليست في شخصية المالكي بل في أحزاب ومليشيات شيعية عديدة ترى أن العراق غنيمة لها وتدين بالولاء التام لإيران وتنفذ أجندتها بحذافيرها, وهذه الأحزاب والمليشيات تمكنت من اختراق الجيش والشرطة وأحكمت سيطرتها على جميع مؤسسات الدولة, وهي تقوم الآن رغم انسحاب المالكي بتنفيذ إعدامات ميدانية خارج إطار القانون ضد أهل السنة وتشن حملة مداهمات واعتقالات ضد الأئمة وخطباء المساجد السنة...
 
وبالتالي لا يمكن أن يطلب من الثوار السنة إلقاء سلاحهم في ظل هذه الأوضاع الملتبسة والمخترقة بل على السياسيين والوسطاء أن يتفهموا مخاوف السنة ويقدموا تطمينات حقيقية لهم حتى يثقوا في العملية السياسية الجديدة ويتاكدوا أنها مختلفة عما تم من قبل وأن القضية ليست مجرد تغيير أشخاص ولكن تغيير سياسات...
 
المقدمات المطروحة على الساحة حتى الآن لا تظهر هذه الرغبة الملحة في تطمين أهل السنة خصوصا مع تركيز الحديث عن تنظيم "داعش" في الداخل والخارج وخطورته على المنطقة وضرورة وقوف جميع الدول في وجه "الإرهاب", وتجاهل الثوار الحقيقيين الذين لا ينتمون لداعش ولهم مطالب حقيقية رفعوها مرات ومرات في وجه المالكي..إن حصر الحراك الثوري في "داعش" هو تآمر على الثورة السنية وخدمة جليلة للمخطط الإيراني في المنطقة والذي يريد إخلاءها من أي مقاومة تذكر لتسهيل تغلغله وتمكينه..
 
لقد أعلنها الغرب صريحة أنه مع التنسيق العسكري مع إيران في العراق رغم تجاهله التام لمعاناة أهل السنة طوال سنوات حكم المالكي بل تعاون معه عسكريا واقتصاديا لترسيخ وتقوية نفوذه ..ثورة العشائر هي سلاحهم ضد التغول الشيعي ولا يمكن أن يطلب منهم نزع سلاحهم في الوقت الذي تحتفظ فيه المليشيات الشيعية بسلاحها وتخترق الأحزاب الشيعية الجيش والشرطة بعناصرها وتنفذ ما يطلبه منها زعماؤها..إن ازدواجية القيادة وعدم نزاهة مؤسسات الدولة منذ الغزو الأمريكي للعراق من أهم القضايا التي ينبغي بحثها والتوصل لحل جذري لها إذا أُريد الاعتماد على الحل السياسي لإخراج البلاد من كبوتها.

خالد مصطفى