الزمن؟!

منذ 2014-12-09

إحساس فطري بداخلنا بالتغيير، والتغيير يوازي اختلاف المعلومات التي نشعر بها باستمرار، حتى لو كنا في فراغ، وحتى لو كنا بدون أجساد

سأختار تعريفًا ربما أكثر التصاقًا بالروح، وأقل التصاقًا بالمادة، ربما أعرف الزمن تعريفًا شخصيًا غير موضوعي.

الزمن هو:

إحساس فطري بداخلنا بالتغيير، والتغيير يوازي اختلاف المعلومات التي نشعر بها باستمرار، حتى لو كنا في فراغ، وحتى لو كنا بدون أجساد، والزمن اتجاهه واحد بالتعريف؛ لأنه يعبر عن شعورنا باختلاف كَم وكيف المعلومات التي تصل لأرواحنا، وهو مرتبط بالحياة، والحياة مرتبطة به، ومشكلة الزمن وما يميزه عن باقي الأبعاد أنه الخِصم والحكم في الآن ذاته.

فالطول مثلًا نُدْرِكه عندما نقيس مسافة معينة بأداة قياس، وعملية القياس تأخذ زمنًا، ولكن كيف نقيس الزمن؟!

ليكن القياس بنفس الطريقة بأداة قياس أخرى؛ وهي الساعة، ولكن عملية القياس تستغرق زمنًا أيضًا، ولذلك لا بد أن يكون هذا الزمن الذي تستغرقه عملية القياس في وعينا غير الزمن الذي نقيسه، وإلا لكنا عرفنا الماء بالماء، وفرغنا الزمن من موضوعه.

ولكي أُلخص:

هناك زمن موضوعي وهو الزمن الذي اعتبرته نظرية النسبية بعدًا مكانيًا كباقي اﻷبعاد، إﻻ أنه مضروب في سرعة الضوء × الجذر التربيعي لـــ (-1)، وهناك زمن آخر مرتبط بالوعي والحياة، ولا بد من وجوده لكي نشعر بما نقيسه من زمن موضوعي.

وبالتالي فالمنظور الميتافيزيائي للزمن يجعله هو البعد الوحيد -إن جاز التعبير- وهو جزء لا يتجزأ من عمل الروح، أما باقي الأبعاد -بما فيها الزمن الموضوعي- هي بعض من الكون الذي يتكون من معلومات ندركها نحن أرواحنا.

أما الزمن الشخصي فهو لا يحمل معلومات يمكننا إدراكها، لأنه ملتصق بالروح التي سرها الأكبر عند رب العالمين.

ملحوظة:

موضوعية الزمن لا تتنافي مع نسبيته ولكن هذه النسبية هي موضوعية في ذاتها، أما ذاتية الزمن فتتصف ولا مراء بالنسبية المطلقة.

حقيقة علمنا:
إن الله تعالى قَدر لنا ما يمكننا معرفته من العلم الكلي بالكمية التي تفيدنا في شؤون حياتنا وآخرتنا، أما العلم الكلي المطلق فلا قبلَ لنا به، وبالتالي فلنرض بالتقريبات الرياضية المتناسبة مع نقصنا البشري، حتى يفتح الله بيننا وبين قدر أكبر من العلم في الوقت الذي يشاء، والذي يعتمد أيضًا على مدى اجتهادنا في تحصيله.

ولكن:

ما ﻻ يُدركُ كلُه، ﻻ يُترَك كله.

ومن الله نستمد جميعًا الفكر والعلم.

والله أعلم.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد كمال قاسم

كاتب إسلامي