وإنا لموسعون؛ آية فوق آية
وما يُؤسف له أن المسلمين اكتفوا بالفرح بأن الكون يتوسع كما أخبر الله عز وجل، ولم يتنبهوا إلى إخفاق العلم النظري بجانب القرآن
- مقدمة:
عندما يتكلم الله عن شيء هو فاعله بصيغة المضارع بالنسبة للكون؛ فإن هذا الكلام يكون باستمرار لأي لحظة من اللحظات تمر على الكون، وذلك لأن القرآن الكريم يحتوي الزمان والمكان كله، فينبغي علينا أن نفكر في الأمر باستمرارية.
- مثال:
قال الله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات:47] صدق الله العظيم.
فإن معنى الاتساع هنا أن الله يوسع السماء باستمرار، منذ خلقها إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.
قال الله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء:104] صدق الله العظيم.
فحسب الآيتين فإن الله تعالى سوف يوسع في الكون إلى أن يقضي انهيار الكون فجأة، كما تنهار صفحات الكتاب على بعضها البعض عندما يغلقلها الكاتب، ولكن ما بين الخلق والطي توجد عملية الاتساع التي أخبرنا الله تعالى عنها أنها دائمة مستمرة.
- معنى اتساع الكون:
إن اتساع الكون يعني علميًا أنك لو رصدت النجوم من حولك من أي كوكب عشوائي الاختيار في الكون؛ ستجد أن معظم نجوم الكون تبتعد عنك، ولا تقترب، وحيث أننا نراقب من كوكب عشوائي الاختيار، فإننا نستطيع أن نقول ببساطة -بدون الدخول في تعقيدات علمية- أن الكون يتسع.
- احتمالات اتساع الكون عمليًا:
1- قد يكون الكون عمليًا يتسع اتساعًا متسارعًا؛ بمعنى أن معدل اتساعه موجب، ولن ينكمش في المستقبل القريب.
2- قد يكون عمليًا الكون يتسع اتساعًا متباطأ؛ بمعنى أن معدل اتساعه سالب، وسينكمش في المستقبل.
3- قد يكون الكون عمليًا يتسع اتساعًا منتظمًا؛ بمعنى أن معدل اتساعه صفر، ولن ينكمش في المستقبل القريب.
- مفاجأة علمية:
تتوقع المعادلات، معادلات النسبية العامة آخذًا في الاعتبار الكثافة الحرجة في الكون: "أن يتسع الكون اتساعًا مُتباطأ" إلى أن يصل إلى حالة "الاتساع لا الانكماش"، ثم يأخذ في الانكماش مرة أخري، وهذا يتعارض مع ظاهر الآية: {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}، ولكن تأتي المفاجأة هنا مخالفة للعلم النظري وتصديقًا لكتاب الله؛ حيث أن المشاهدة والتجربة اكتشفت أن معدل الاتساع تحول من الحالة المتباطئة إلى حالة متسارعة قبل أن يصل إلى حالة الانكماش المُتَوَقعَة بواسطة المعادلات، بل وُجِد العكس وذلك أن أخذ الكون حالة من التسارع تُسَمَى (تضخمًا-inflation).
ونجد تصديقًا لهذا الكلام من أكبر العلماء؛ في مجال الفلك والفيزياء النظرية في هذا الزمان؛ وهو (ستيفن هوكنج) شارحًا كيفية خروج سلوك الكون فجأة عن المُتوقَع، بغير تفسير فيزيائي معروف، واتجاهه من حالة تباطؤ الاتساع، إلى حالة التضخم، وبهذا اتفق القرآن الكريم مع المشاهدة، وخابت توقعات النظريات المعاصرة.
- الخلاصة:
أن القرآن الكريم تعارض مع علوم نظرية صلبة جدًا، وتوافق مع المشاهدة والتجربة، حيث فوجيء العلماء أنها تَشِذ عن هذه التوقعات الرياضية، وما لا يعلمه الكثير من المسلمين أن القرآن الكريم أنبأ عن توسيع الله للكون اتساعًا دائمًا دون انكماش، إلا عند قيام الساعة؛ يوم يطوي الله السماء كطي السجل للكتب وهذا خارج عن قوانين الطبيعة؛ لأنه يتعلق بالدار الآخرة.
وما يُؤسف له أن المسلمين اكتفوا بالفرح بأن الكون يتوسع كما أخبر الله عز وجل، ولم يتنبهوا إلى إخفاق العلم النظري بجانب القرآن، وتوافق التجربة معه، مما يؤكد تأكيدًا فوق تأكيد؛ أن القرآن الكريم ليس من تأليف بشر أي ما كان، ولكنه تنزيل العزيز الحكيم.
والله أعلم.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
أحمد كمال قاسم
كاتب إسلامي
- التصنيف: