كتابة على الماء
منذ 2003-08-03
من الممارسات الخاطئة التي تكشف عن حقائق ونوايا أصحابها التعميم في
الأوصاف والأحكام دون مراعاة التطابق التام والتماثل الكامل، وذلك يدل
إما على جهل وغفلة أو على مكر وسوء نية، ومقتضى العلم والتحرير وموجب
العدل والإنصاف يمنع من ذلك، والتعميم له أضرار ومخاطر ليس أقلها
اتهام الأبرياء، ولكن فيه دلالة على الكراهية العمياء، وكشفٌ لقصد
الاستعلاء، هذا إضافة إلى التلبيس والافتراء.
فعلى سبيل المثال إن وجد في مجتمع ما بضع نسوة فاسقات فاجرات فإن من الظلم البيّن والجرم الكبير أن يقال عن كل النساء إنهن على مثل تلك الصفات، والأكثر خطراً عندما يكون التعميم متعلقاً بصفة الدين، وهنا بيت القصيد، حيث وجدنا مَنْ وَصَفَ شباب الصحوة وأبناء الدعوة بأنهم إرهابيون متطرفون وأنهم قتلة مجرمون، وذلك عندما وقعت من قلة نادرة وفئة شاذة بعض جرائم التدمير والتفجير والتقتيل، فهل جرم القلة يلحق الكثرة؟ وهل جريرة الآحاد تعم المجتمعات؟.
إن مثل هذا التعميم يلحق صفة الغلو والتطرف بشباب يعتمد على الكتاب والسنة أصلاً ومصدراً، ويعتبر العلم أساساً ومطلباً، ويتخذ العلماء قدوة ومرجعاً، ويؤمن بالوسطية فكراً ومنهجاً، ويلتزم الحكمة ممارسة، ويقبل الحوار أسلوباً، ويتحلى بالرفق خلقاً، ويجعل التوحيد الخالص معتقده ويقينه، والعبادة الخاشعة زاده ومتعته، والعمل لخدمة الإسلام همه ومطمحه، وإضافة إلى ذلك نجدهم وقد تنوعت تخصصاتهم، وتميزت قدراتهم، وتفوقت مهاراتهم، فمنهم الطبيب البارع، والمهندس المبدع، والإداري الناجح .
إن الذين يهاجمون الشباب بلا تمييز، ويعممون الأحكام بلا تخصيص، يتسببون في مزيد من الاحتقان والتوتر، وإثارة أسباب الخلاف والنـزاع، ومن العجيب أن كثيراً منهم يدَّعون الإيمان بالحوار، وهم يصادرون الآخر ويدمغونه بالأحكام القاطعة والتهم الباطلة والتعميم العشوائي، وأعجب من ذلك أنهم يدَّعون العقلانية والواقعية وممارساتهم تكشف أنهم يكتبون بتشنج المنفعل، ورد فعل غير متعقل، ثم هم يتجاهلون الواقع، الذي لا يحتاج إلى برهان حيث تزايدت العودة الصادقة لالتزام الإسلام في الشعوب المسلمة عموماً وفي الشباب خصوصاً إضافة إلى السمات الإيجابية في الوعي والاتزان وتحمل المسؤولية .
ويضاف إلى التعميم ملحظ آخر أشد خطراً وأعظم ضرراً وهو الخلط والتلبيس، وذلك بنسبة النتائج السيئة إلى مقدمات لا تمت إليها بصلة، فكاتب يقول إن تحفيظ القرآن الكريم يؤدي إلى تخريج شباب إرهابيين قتلة، وآخر يقول إن التعليم الديني وتدريس الأحكام والتشريعات ينتهي إلى القتل والتفجيرات، ولا أدعي هذا أو أتخيله بل هو واقع مكتوب ومنشور وهذه نماذج لكاتب واحد يقول :
" ويعلم القارئ أن أحد الأنشطة التي صارت في مقدمة اهتمام كثير من المؤسسات والأفراد ما يسمى بـ (الدعوة) فقد أصبحت نشاطاً تمتلئ بأخباره الصحف: فهناك مخيمات دعوية ومعارض ما يسمى (كن داعياً)، وتوسع الأمر حتى وصل إلى أن يكتب على فاتورة الكهرباء شعار يقول : (الدعوة إلى الله علم وعمل ووسيلة)، لهذا أصبحنا محاطين بـ (الدعوة والدعاة) من كل جانب.
ويكاد الملاحظ يصل إلى نتيجة مفادها أن هذه النشاطات تنظر إلينا كأننا لسنا مجتمعاً مسلماً، أو ترى الإسلام الذي نحن عليه ليس إسلاماً كافياً ".
ويقول أيضاً : " وتساعد المناهج نفسها هؤلاء على أن يكونوا دعاة فقد اصطبغت الكتب الدراسية جميعها بصبغة دينية ".
ويضيف كذلك : " ومن هنا فأحد أسباب تدهور التعليم أن المدارس لم تعد بيئة للتعليم كما نعرفه، بل أصبحت مكاناً للوعظ والتزهيد في الدنيا وتحويل الطلاب إلى أتباع لبعض التيارات التي ربما تقودهم إلى مآلات غير مرضية ".( جريدة الوطن 6/2/1424هـ) .
إنني أقول لهؤلاء الكتاب بأننا نرحب بالحوار، ونقبل الاختلاف، ولا نضيق بالاعتراض والانتقاد، وإنما نطلب منكم أن تكونوا منصفين ومتوازنين فلماذا لا تذكرون مع العيوب المحاسن الكثيرة ؟، ولماذا تركزون وتضخمون الأشياء الصغيرة ؟ وأقول لهم كذلك لماذا تغضون الطرف عن الحقيقة المشاهدة التي لا تنكرها العيون؟
نعم الأمر واضح، الغلبة والغالبية للملتزمين بالإسلام والداعين له، والجمهور العام يعلن بجلاء أنه مع الدعوة والدعاة، وأنه مرتبط بالعلم والعلماء، فإن تجاوزتم الحقائق، واعتسفتم القول، وأجحفتم في الحكم فلن تجدوا آذاناً مصغية، ولا قلوباً واعية، واعلموا أن كتابتكم لا أثر لها فهي لا تحرك ساكناً ولا تغير واقعاً، إنها باختصار شديد (( كتابة على الماء ))
فعلى سبيل المثال إن وجد في مجتمع ما بضع نسوة فاسقات فاجرات فإن من الظلم البيّن والجرم الكبير أن يقال عن كل النساء إنهن على مثل تلك الصفات، والأكثر خطراً عندما يكون التعميم متعلقاً بصفة الدين، وهنا بيت القصيد، حيث وجدنا مَنْ وَصَفَ شباب الصحوة وأبناء الدعوة بأنهم إرهابيون متطرفون وأنهم قتلة مجرمون، وذلك عندما وقعت من قلة نادرة وفئة شاذة بعض جرائم التدمير والتفجير والتقتيل، فهل جرم القلة يلحق الكثرة؟ وهل جريرة الآحاد تعم المجتمعات؟.
إن مثل هذا التعميم يلحق صفة الغلو والتطرف بشباب يعتمد على الكتاب والسنة أصلاً ومصدراً، ويعتبر العلم أساساً ومطلباً، ويتخذ العلماء قدوة ومرجعاً، ويؤمن بالوسطية فكراً ومنهجاً، ويلتزم الحكمة ممارسة، ويقبل الحوار أسلوباً، ويتحلى بالرفق خلقاً، ويجعل التوحيد الخالص معتقده ويقينه، والعبادة الخاشعة زاده ومتعته، والعمل لخدمة الإسلام همه ومطمحه، وإضافة إلى ذلك نجدهم وقد تنوعت تخصصاتهم، وتميزت قدراتهم، وتفوقت مهاراتهم، فمنهم الطبيب البارع، والمهندس المبدع، والإداري الناجح .
إن الذين يهاجمون الشباب بلا تمييز، ويعممون الأحكام بلا تخصيص، يتسببون في مزيد من الاحتقان والتوتر، وإثارة أسباب الخلاف والنـزاع، ومن العجيب أن كثيراً منهم يدَّعون الإيمان بالحوار، وهم يصادرون الآخر ويدمغونه بالأحكام القاطعة والتهم الباطلة والتعميم العشوائي، وأعجب من ذلك أنهم يدَّعون العقلانية والواقعية وممارساتهم تكشف أنهم يكتبون بتشنج المنفعل، ورد فعل غير متعقل، ثم هم يتجاهلون الواقع، الذي لا يحتاج إلى برهان حيث تزايدت العودة الصادقة لالتزام الإسلام في الشعوب المسلمة عموماً وفي الشباب خصوصاً إضافة إلى السمات الإيجابية في الوعي والاتزان وتحمل المسؤولية .
ويضاف إلى التعميم ملحظ آخر أشد خطراً وأعظم ضرراً وهو الخلط والتلبيس، وذلك بنسبة النتائج السيئة إلى مقدمات لا تمت إليها بصلة، فكاتب يقول إن تحفيظ القرآن الكريم يؤدي إلى تخريج شباب إرهابيين قتلة، وآخر يقول إن التعليم الديني وتدريس الأحكام والتشريعات ينتهي إلى القتل والتفجيرات، ولا أدعي هذا أو أتخيله بل هو واقع مكتوب ومنشور وهذه نماذج لكاتب واحد يقول :
" ويعلم القارئ أن أحد الأنشطة التي صارت في مقدمة اهتمام كثير من المؤسسات والأفراد ما يسمى بـ (الدعوة) فقد أصبحت نشاطاً تمتلئ بأخباره الصحف: فهناك مخيمات دعوية ومعارض ما يسمى (كن داعياً)، وتوسع الأمر حتى وصل إلى أن يكتب على فاتورة الكهرباء شعار يقول : (الدعوة إلى الله علم وعمل ووسيلة)، لهذا أصبحنا محاطين بـ (الدعوة والدعاة) من كل جانب.
ويكاد الملاحظ يصل إلى نتيجة مفادها أن هذه النشاطات تنظر إلينا كأننا لسنا مجتمعاً مسلماً، أو ترى الإسلام الذي نحن عليه ليس إسلاماً كافياً ".
ويقول أيضاً : " وتساعد المناهج نفسها هؤلاء على أن يكونوا دعاة فقد اصطبغت الكتب الدراسية جميعها بصبغة دينية ".
ويضيف كذلك : " ومن هنا فأحد أسباب تدهور التعليم أن المدارس لم تعد بيئة للتعليم كما نعرفه، بل أصبحت مكاناً للوعظ والتزهيد في الدنيا وتحويل الطلاب إلى أتباع لبعض التيارات التي ربما تقودهم إلى مآلات غير مرضية ".( جريدة الوطن 6/2/1424هـ) .
إنني أقول لهؤلاء الكتاب بأننا نرحب بالحوار، ونقبل الاختلاف، ولا نضيق بالاعتراض والانتقاد، وإنما نطلب منكم أن تكونوا منصفين ومتوازنين فلماذا لا تذكرون مع العيوب المحاسن الكثيرة ؟، ولماذا تركزون وتضخمون الأشياء الصغيرة ؟ وأقول لهم كذلك لماذا تغضون الطرف عن الحقيقة المشاهدة التي لا تنكرها العيون؟
نعم الأمر واضح، الغلبة والغالبية للملتزمين بالإسلام والداعين له، والجمهور العام يعلن بجلاء أنه مع الدعوة والدعاة، وأنه مرتبط بالعلم والعلماء، فإن تجاوزتم الحقائق، واعتسفتم القول، وأجحفتم في الحكم فلن تجدوا آذاناً مصغية، ولا قلوباً واعية، واعلموا أن كتابتكم لا أثر لها فهي لا تحرك ساكناً ولا تغير واقعاً، إنها باختصار شديد (( كتابة على الماء ))
المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام
علي بن عمر بادحدح
أستاذ بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بالسعودية
- التصنيف: