أطباق الأحواز اللاقطة
شلالات الدم كانت ـ ولم تزل ـ تنهمر في سوريا الذبيحة، وكان مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة يخاطب في الأمم المتحدة شعراً ونثراً للحديث عن المؤامرة على بلاده من دون أن تغادره طائفيته؛ فالشيعي الإمامي بشار الجعفري الذي نصبه النظام السوري كممثل له (وإيران كذلك لو أرادت) في الأمم المتحدة لم ينس لحظة أن عدوه ليس الولايات المتحدة ولا "إسرائيل" ولا أوروبا التي تتخذ كل يوم قراراً بتجميد أرصدة أسياده، وإنما السعودية ودول الخليج؛ فراح يهذي بالحديث عن "حق" قيادة المرأة للسيارة، والذي لا يتحدث عنه العالم، ويكتفي بالتنديد بنظام سوريا، الذي يذبح المرأة نفسها في الحقيقة، كدليل عن كيل العالم بمكيالين!
شلالات الدم كانت ـ ولم تزل ـ تنهمر في سوريا الذبيحة، وكان مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة يخاطب في الأمم المتحدة شعراً ونثراً للحديث عن المؤامرة على بلاده من دون أن تغادره طائفيته؛ فالشيعي الإمامي بشار الجعفري الذي نصبه النظام السوري كممثل له (وإيران كذلك لو أرادت) في الأمم المتحدة لم ينس لحظة أن عدوه ليس الولايات المتحدة ولا "إسرائيل" ولا أوروبا التي تتخذ كل يوم قراراً بتجميد أرصدة أسياده، وإنما السعودية ودول الخليج؛ فراح يهذي بالحديث عن "حق" قيادة المرأة للسيارة، والذي لا يتحدث عنه العالم، ويكتفي بالتنديد بنظام سوريا، الذي يذبح المرأة نفسها في الحقيقة، كدليل عن كيل العالم بمكيالين!
وإذا كانت هذه رؤية الرجل العوراء عن حقوق الإنسان والحريات؛ فما الذي أعماه أيضاً عن قيام ميليشيات النظام الإيراني بنزع الأطباق اللاقطة في الأحواز في حملة شاملة نفذتها شرطة الآداب الإيرانية بإيعاز من جهاز اطلاعات خلال الأسابيع الماضية من أجل منع وصول نسيم الحرية إلى العرب الأحواز، إذا كان لنا وله أن نتمسك بهذه "الترفيات" عن حرية تداول المعلومات التي تنص عليها الحريات العامة التي أقرتها الأمم المتحدة! إن الذي أعماه معروف، والذي أعمى كل هذا "المجتمع الدولي" مثير للدهشة في واقع الأمر؛ فالأحواز بالطبع لا تشكو من مجرد إزالة أطباق لاقطة بهدف منع وصول قنوات وصال وصفا وغيرها إلى مسامع الأحوازيين فحسب؛ بل تعاني يومياً من وطأة القهر والاستبداد والعنصرية والاضطهاد الديني والعرقي بما يفوق التصور، ويكفي أن خبراً عن استشهاد ثلاثة من الأحوازيين تحت سيف التعذيب داخل مسالخ الفرس خلال هذا الأسبوع هو أمر بات اعتيادياً في هذا البلد المظلوم للحد الذي لم يجعله مستحقاً للنشر حتى على النطاق الإقليمي المحيط بالأحواز من كثرة ما يصل أمثاله لمسامع المتابعين للشأن الأحوازي، ومنهم النظام السوري بالطبع الذي لم ولن يرى في تجاهل جرائم الاحتلال الفارسي من قبل "المجتمع الدولي" ما يدعوه للاحتجاج!
إننا إزاء نظام شمولي دموي كريه يرى في مجرد اطلاع "مواطنيه" على آراء المعارضة عبر الأطباق اللاقطة جريمة تستحق الاعتقال والتنكيل المفضي إلى القتل؛ فما الذي يمكن تصوره لو انطلق هؤلاء صادحين "الشعب يريد حق الحياة"؟! إن أهلنا المضطهدين في الأحواز يعانون القمع ذاته الذي يعانيه أشقاؤهم في سوريا لكنهم مع انتفاضاتهم المتكررة لا يتوافرون حتى على مساحة تحرك يمكنهم أن يفجروا ثورة ضد هذا القمع الفارسي الرهيب، وهذا ليس له معنى سوى جسامة هذه المعاناة التي يعيشون فيها، والذي شاهدناه عياناً أمامنا من تواطؤ العالم كله ضد الشعب السوري البطل، نلمسه بدرجة أعلى عند النظر إلى الحالة الأحوازية؛ فلا فرق بين النظامين سوى أن أحدهما تمكن من قمع ثورته مبكراً، والآخر لم يزل يغالبها..
معظم الشعوب العربية التي قامت بثورات كانت تملك إمكانية إشعال فتيل الثورة لكن الأحوازيين لم يكونوا يملكون ذلك حينما أرادوا أن أن يطلقوها قبل سبعة أشهر، ليس لأنهم لا يملكون الإرادة ولا لأنهم ليسوا شجعاناً، بل بالعكس هم مضرب الأمثال في الشجاعة العربية، وإنما لأنهم ببساطة ليسوا بصدد ثورة بل تحرير من احتلال جاثم فوق الصدور منذ ما يقارب التسعين عاماً، والأخطر أنهم يدركون أن العالم كله يتكالب عليهم متى أرادوا أن يتحرروا من هذا الاحتلال، وتماسك إيران لدى الغرب ـ يدركون أنه ـ خط أحمر لا يجوز تجاوزه، مثلما لا يجوز لـ"إسرائيل" أن ترحل عصاباتها عن فلسطين.. وتلك هي المعضلة.. لكننا نثق بعون الله أن لها حلاً.
- التصنيف:
- المصدر: