السمع والبصر
لو تحدثنا بشكل علمي عن الهواء من حولنا فسنجده غير شفاف لكثير من التطبيقات العلمية، وبالنسبة لنطاق واسع من ترددات الضوء، حيث أن الهواء يمتص قدراً من الضوء المنقول فيصل أضعف إلى جهاز القياس، فمما لا شك فيه أن وجود الهواء (كوسط ناقل للصوت) يضعف مقدرة أجهزتنا أن تكون (بصيرة) بالأشياء من حولها.
السمع لا بد له من وسط ينقل موجات الصوت..
إن الكائنات الحية لكي تسمع مصدراً للصوت لا بد من مقومات لهذا السمع، وهذه المقومات هي أداة استقبال موجات الصوت، ووسط ينقل موجات الصوت، وهذا الوسط يتكون من ذرات وتضاغط وتخلخل هذه الذرات هو الذي ينقل موجات الصوت إلى آذاننا، لكي نسمعها ومن ثُم تدركها عقولنا.
ولكن تأمل معي قليلاً! إن أي وسط أياً كان لا يمكن أن يكون شفافاً تماماً؛ لأن ذرات هذا الوسط تبعثر وتمتص موجات الضوء (أو فوتوناته).
شفافية الهواء نسبية..
إن شفافية الهواء الذي نعيش فيه هي شفافية نسبية غير مطلقة، فشفافية الهواء هي كافية لإبصار الكائنات التي تعيش على كوكب الأرض للأشياء من حولها، إبصاراً يعطيها كم المعلومات التي تعرف بالأشياء معرفةً تخدمها في حياتها اليومية وحسب.
أما لو تحدثنا بشكل علمي عن الهواء من حولنا فسنجده غير شفاف لكثير من التطبيقات العلمية، وبالنسبة لنطاق واسع من ترددات الضوء، حيث أن الهواء يمتص قدراً من الضوء المنقول فيصل أضعف إلى جهاز القياس، فمما لا شك فيه أن وجود الهواء (كوسط ناقل للصوت) يضعف مقدرة أجهزتنا أن تكون (بصيرة) بالأشياء من حولها.
إيضاح أكثر للفكرة..
تخيل لو أننا نعيش في وسط من الجوامد بدل الهواء، إنه تخيل غريب ولكنه يوضح فكرتنا، إن سرعة انتقال الصوت في عنصر البريليوم مثلاً تساوي 12890 متراً لكل ثانية، أي أنها تفوق سرعة انتقال الصوت في الهواء بـ(40) مرة تقريباً، ولكن هل نستطيع أن نرى أي شيء حولنا إذا عشنا في وسط من البريليوم؟! بالطبع لا.
إذًا وجود الوسط من حول أداة القياس هو المسئول عن كمال السمع (أن تكون سميعاً)، ولكنه في الوقت ذاته يضعف المقدرة على الإبصار (ألا تكون باصراً فكيف بكونك بصيراً؟!)
الله هو السميع البصير دوناً عن مخلوقاته جميعاً..
إن سمع الله وبصره سبحانه لا ينطبق عليه حدود سمعنا وبصرنا لمخلوقات له، وذلك لإنه جل شأنه يسمع تمام السمع فهو سميع بدون أن يؤثر ذلك عن إبصاره تمام الإبصار فهو بصير، سبحانك اللهم يا من تفردت بكامل القدرة حتى على الأشياء التي يستحيل اكتمالها معاً لنا نحن المخلوقات، مثل قدرة السمع والبصر، فها أنت السميع البصير ليس كمثلك شيء، قال تعالى: {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11]، والله أعلم.
أحمد كمال قاسم
كاتب إسلامي
- التصنيف: