التنبيه بذكر بعض مقاصد الزواج
حفظ النسل والحفاظ على العرض من أساسيات الحياة وضرورياتها، وقد اتفق علماء الأصول على أنه أحد الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة بمراعاتها، وهي (الدين والنفس والنسل والعقل والمال)، فالحفاظ على العرض والنسل خمس الشريعة، وهو من أدق خصوصيات الإنسان المسلم التي لا يتسامح في خدشها أو المساس بها..
مع اقتراب فصل الصيف من كل سنة يزداد الإقبال على أمر الزواج؛ نتيجة عوامل خاصة جعلته سمة بارزة في هذا الوقت بالذات، فتجد الناس يسارعون إلى توفير جميع الكماليات -التي يمكن الاستغناء على الكثير منها- حتى يمر هذا اليوم بدون نقص، وليجمع الحاضرون على حسن بهائه وانعدام النقصان في تجهيزاته وتحضيراته، وفي هذا غلو لو انتبه إليه المقبلون على هذا الأمر، إذ جراء الزحف العولمي الغربي والإعلام العلماني المشبوه الذي تشهده المجتمعات الإسلامية انقلبت المفاهيم واختلت القيم؛ وبالتالي أصبحت مقاصد الزواج الحقيقية مغيبة عن الكثير منا، لذا لزم التنبيه والتذكير ببعض هذه المقاصد؛ لتكون مدخلاً ومقدمة للمزيد من البحث عن التصور الإسلامي للزواج حتى يكون سعيدًا.
- حفظ النسل والحفاظ على العرض من أساسيات الحياة وضرورياتها، وقد اتفق علماء الأصول على أنه أحد الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة بمراعاتها، وهي (الدين والنفس والنسل والعقل والمال)، فالحفاظ على العرض والنسل خمس الشريعة، وهو من أدق خصوصيات الإنسان المسلم التي لا يتسامح في خدشها أو المساس بها، ولذلك جاءت النصوص القرآنية المتعلقة به تشريعًا وتنظيمًا كثرة طافحة، مفصلة واضحة تبين أحكامه وآدابه (المنهج القرآني الفاصل بين أصول الحق وأصول الباطل: ص654،طه الديلمي).
شرعت هذه النصوص الزواج وذكرت أصله الشرعي من جهة وفصلت أحكامه، جعلت الفقهاء يجعلون له في مصنفاتهم مكانًا رحبًا، يفصلون فيه أحكامه، ويوضحون فيه مقاصده وأثاره؛ لأنه مشروع بالكتاب والسنة والإجماع.
- فـ: "الأسرة هي الأم الصغيرة للعالم الإنساني الكبير، تكونت من رجل واحد سواه الله سبحانه ثم نفخ فيه من روحه، ومن هذا الرجل خلق الله زوجه، ومنها كان النسل الكثير: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1]، وحين شرع الله النكاح في خلقه لم يشرعه لمجرد قضاء الوطر، بل كان لتشريعه معانٍ سواه منها:
1- تحصين الفرد عندما يطمئن الزوج والزوجة إلى أن كلا منهما يملك الآخر في كل لحظة يريدها، وعندما تنكسر حدة الشهوة ولم يعد هناك ذلك الدافع القوي ينتهي الأمر إلى حد الرضا والارتواء، وبالتالي يكون النكاح قيدًا وثيقًا للعلاقة الجنسية يفي بإشباع الغريزة دون فوضى، ولكن بطريق منظم هادف -الزواج- فيأمن الشاب بذلك فلتات النظر وطغيان الشهوة الملحة.
2- اتساع دائرة التعاون الإنساني بنسب الذكور ومصاهرة الإناث: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} [الفرقان:54].
3- بناء الأسرة: الحياة الزوجية في الإسلام مسكن قلبي ونفسي، يجد الزوج في ظلاله برد الراحة، ففيه تنمو عواطف المودة وتسود الرحمة: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم:21]، لذلك حث الإسلام على تكوين الأسرة ودعا لأن يعيش الناس في ظلالها، وحذر تحذيرًا شديدًا من محاولة التخلص من رباط الأسرة، حين أعلن أن حياة الأسرة من سنته، فالزواج فوق أنه مدعاة لرضى الله سبحانه وتعالى، ووسيلة تقواه وسنة خليله ومجتباه، فهو حافظ الأنساب والرباط القوي بين الوالدين والمؤلف بينهما وبين أبنائهما.
4- إنجاب الأطفال: من أهداف الإسلام الأساسية الحفاظ على بقاء النوع الإنساني وتكاثره لعمارة الأرض بالخير، والنسل من النعم التي تستحق الحمد وتوجب الشكر: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف من الآية:46]، فكان لزامًا رعاية هذا النسل والإكثار منه وإعداده إعدادًا سليمًا ليكون جديرًا بخلافة الله في الأرض" (نكاح المتعة دراسة وتحقيق لمحمد عبد الرحمن الأهدل).
- التصنيف: