فضل عبادة الليل على عبادة النهار

منذ 2015-01-10

إن العبد إذا قام في الليل وصفَّ قدميه لمولاه عابدًا خاشعًا، سهُل عليه القيامُ يومَ يقوم الناس لربِّ العالمين.

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.

1- عبادة الليل غالبًا ما يتوفرُ فيها الإخلاص؛ لأن العبدَ يقوم في ظلمات الليل لا يراه أحدٌ؛ فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «فضلُ صلاة الليل على صلاة النهارِ، كفضل صدقة السِّرِّ على صدقةِ العلانية» [1].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أفضلُ الصيام بعد رمضان شهرُ الله المحرَّم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاةُ الليل» [2].

2- عبادة الليل أشقُّ على النفس، والمجاهدةُ تكون فيها أكثر؛ ولذلك يكون الأجرُ فيها أعظمَ؛ قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل:6].

فإذا جاهد الإنسانُ نفسه في ذات الله، هداه اللهُ إلى الطريق القويم، ورفَعه إلى درجة المحسنين؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].

3- عبادة الليل يكون فيها مزيدُ تدبُّر وتفهم؛ لأن المشاغل غيرُ متوفرة، فيتواطأ فيها القلبُ واللسانُ على التفهُّم والتدبُّر.

4- الليل موسم لتنزُّل الرحمات، ولنزول رب الأرض والسموات، فعظمت العبادة فيه، وكان لها هذا الأثرُ؛ لأنه وقت فاضل.

5- عبادة الليل ترفَع الإنسان درجات؛ لأنها تجمع بين تخلية القلب من الرذائلِ بغفران الذنوب، وتحليته بالفضائل بكَسْب الحسنات.

 

فوائد قيام الليل:

1- إن العبد إذا قام في الليل وصفَّ قدميه لمولاه عابدًا خاشعًا، سهُل عليه القيامُ يومَ يقوم الناس لربِّ العالمين، ومن استراح هنا تعِب هناك، والجزاء من جنس العمل.

2- من يُكثر القيام في الليل، وكان من الرجال، يزوِّجه اللهُ من الحور العين؛ تعويضًا له عن ترك الفراش الوثير والزوجة الحسناء، والتعبُّد لرب الأرض والسماء.

3- صحة جسم القائم، وصفاء رُوحه، وبهاء وجهه، قيل للحسن البصري رحمه الله: لِمَ كان المتهجدونُ أحسنَ الناس وجوها؟ قال: "لأنهم خلَوْا بربهم فأعطاهم من نورِه".

4- الفتوحات الربانية، والتوفيقات الإلهية، والإلهامات الجلية تتمُّ بفضل قيام الليل؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].

قال سري السقطي: "الفوائدُ ترِدُ في ظُلَم الليل". ا.هـ. وكم من عالم استغلق على فهمه مسألةٌ، فقام يناجي ربَّه في جوف الليل، ففتَح الله عليه، ويسَّر له ما كان مستعسرًا من قبل.

5- يمتع الله تعالى القائمينَ الليل برؤية وجهِه الكريم يوم القيامة، قال الحسنُ البصري رحمه الله تعالى: "لو علم العابدون أنهم لا يرونَ ربهم، لذابوا".

-----------------------

[1] رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن؛ قاله المنذري في الترغيب (2/28).

[2] رواه مسلم (8/54 نووي).