الإجازة الصيفية... وخميس وعتريس!!
منذ 2008-08-20
أراك تنظر باستنكار واستغراب إلى هذا العنوان.. خميس وعتريس؟! .. هل هذا موضوع عن استغلال الإجازة أم برنامج سينما الأطفال!!؟
أراك تنظر باستنكار واستغراب إلى هذا العنوان.. خميس وعتريس؟! .. هل هذا موضوع عن استغلال الإجازة أم برنامج سينما الأطفال؟
لحظة واحدة يا أخي.. لمَ الاستعجال؟.. لا تتسرع الحكم وخذ مني هذه القنبلة..! ما رأيك لو قلتُ لك إن هذا الموضوع من أخطر إن لم يكن أخطر الموضوعات في حياتك..، لحظة أخرى -غير الأولى بالطبع- لماذا نتكلم كثيرًا؟ لندخل في الموضوع مباشرة ولتتركني أحكي لك قصة حياة.. قصة خميس وعتريس!!.
اسمع يا سيدي.. القصة باختصار أن خميس وعتريس صاحبان، عمرهما الآن حوالي 45 سنة، قريبان جداً من بعضهما سنًا وصداقة ونشأة، إلا أن ما بينهما ما بين السماء والأرض..!
خميس يعمل في إحدى الشركات التي تعطي مرتبات من قبيل تلك التي تحتوي على ثلاثة أصفار مصحوبة برقم صحيح موجب لا يقل عن الخمسة يرقد على اليسار مزهوّاً بنفسه..
خميس لا يكتفي بهذا! فله عمله الخاص الذي ربما يدرّ عليه أكثر من عمله الأساسي، وهو لا يجد صعوبة في إدارته إذ يمتلك خبرة كافية لذلك.. خميس أيضًا رجل مثقف لا ينسى درسه الأسبوعي في المسجد والذي يتكلم فيه عن الفقه أو التفسير أو غيرها باستفاضة وتوسع..
خميس رجل متعدد الصداقات.. محبوب وسط الناس لشيء تميز به وهو امتلاكه للكثير من المهارات التي يحرص على تعليمها غيره.. من أول فنون الإدارة إلى بعض الحرف البسيطة..، خميس أيضاً داعية ناجح.. لا يذكر أحد أنه أدار مشروعًا دعويًا وفشل، فهو يمتلك رصيدًا من الخبرة في هذا المجال لا يباريه فيها أحد..
خميس منسجم جدًا مع نفسه فهو يعرف كيف يدير وقته وعلاقاته مع الآخرين وحل مشكلاته.. خميس باختصار قصة نجاح إنسانية عظيمة تستحق أن تدرّس للأجيال..!
حسنًا.. لننتقل الآن لصديقنا الآخر عتريس..
عتريس يعمل في وظيفة حكومية تدرّ عليه مبلغًا محترمًا يتجاوز الثلاثمئة بقليل، ينتظر كل سنة علاوة السيد الرئيس.. يعلم جيدًا أنه لو أقيل من عمله فسيجلس في الشارع فهو لا يمتلك أي مؤهلات تؤهله لغير عمل حكومي..،
عتريس أيضًا لا يستطيع إقامة عمل خاص فهو لا يمتلك أي خبرة، فضلاً عن رأس المال. فهو لم يهتم يوما بالادخار..
عتريس أيضًا رجل مثقف، يذكر جيدًا كيف حاول أن يلقي كلمة لزملائه في العمل عن الصلاة فلم يستطع أن يتكلم أكثر من دقيقة ثم صدر النداء العقلي المقدّس: عذرًا لقد نفد رصيدكم..، وكانت النهاية المأساوية للدرس عندما سأله أحد زملائه عن معنى آية استشهد بها فكان الجواب هو الصمت المطبق..، ثم الانسحاب الهادئ...، عتريس لا يمتلك أي مهارة.. رصيده من الخبرة الدعوية صفر.. لا يعرف حتى الآن كيف يدير وقته فهو لم يحاول يوما تعلم ذلك..
عتريس باختصار.. مشكلة، أو مشروع كارثة إنسانية حقيقية وبكل المقاييس.
والآن ها أنا قد انتهيت من القصة.. وأراك الآن تنظر متسائلاً.. وما علاقتي أنا بهذه القصة هل تريد مني أن أصفق أم أبكي تأثرا؟.. لحظة يا أخي..
ما أريد أن أقوله لك هو أنك نفسك إما أن تكون "خميس" أو أن تكون "عتريس"! وهذا يتوقف على ما تفعله الآن.. كيف؟..
أتدري ما الذي جعل الفرق بين عتريس وخميس هكذا..؟!
حسنًا تخيل معي سيارتين تسيران بجوار بعضهما تنحرف إحداهما عن الأخرى بمقدار نصف درجة في الساعة، تخيل مكانهما من بعضهما بعد 24 ساعة.. حسنًا تخيل بعد 20 سنة.. كم سيكون بينهما؟.. أراك الآن قد بدأت تلتقط الفكرة فأنت ذكي لمّاح كما أعلم..
بالضبط هذا ما أريد قوله لك ما ستفعله في هذه الإجازة هو ما سيحدد موقفك بعد 20 سنة .. أخونا خميس كان لا يضيّع إجازة واحدة دون أن يخرج منها مستفيدًا بشيء ولو يسير حتى تراكم عنده هذا الرصيد الذي رأيت.. بينما صاحبنا عتريس كان مبدؤه الأساسي: "الدراسة للمذاكرة، والإجازة للراحة" وهكذا أصبحت هذه نهايته..
أخي.. هذه هي القصة باختصار.. الحياة لا تنتظر أحدًا.. وما ذهب لا يعود.. والملَكان يكتبان.. والموت ينتظر.. فاحرص على اغتنام وقتك قبل أن تندم...
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
- التصنيف: