تأثير الغناء على التوجهات والسلوك
لأن الإنجذاب الروحي الذي يحدث عند الشخص الذي يسمع الموسيقى يؤدي به إلى نوع من الصمت والتحجير العقلي.
تؤكد الشريعة الإسلامية الربانية على حرمة الغناء الماجن، والممزوج بالموسيقى، بينما تبيح الأناشيد الهادفة، الخالية من أدوات الطرب، باستثناء الدف، وذلك عند جمهور الفقهاء، فما هى الحكمة من ذلك؟! لا سيما وأن الإسلام لم يحرم وسائل الترفيه، واللهو الذي لا ضرر فيه ولا ضرار، وإنما قننها، ووضع لها الضوابط التي تضمن نفعها، وتحد من مخاطرها.
فمما لا ريب فيه أن للشدو والغناء ثأثير واضح على السلوك والتوجهات، وقد أدرك الإنسان هذه الحقيقة على امتداد تاريخه الطويل، فقد استخدم الغناء في المناسبات المختلفة، لا سيما في الحروب، والمواقف الحاسمة لاستنهاض الهمم وإثارة العزائم وإشعال الحماسة، وهذه الحقيقة ثابتة قديمًا وحديثًا، والأغاني الوطنية خير دليل، فهناك أغاني معينة فقد أثرت في وجدان، وغيرت من توجهاتهم.
ويرجع السبب في ذلك إلى تأثر الإنسان والحيوان بالموسيقى والطرب على حد سواء، ولعل ذلك من حكمة تحريم الغناء والموسيقى؛ عند سماع الإنسان لنغمات الموسيقى تحدث بعض التغيرات الكيميائية، والتي يمتد تأثيرها إلى جميع حواس الإنسان، بما فيها التفكير والتنفس والعاطفة، والسبب في ذلك أنه عندما يسمع شخص منا الموسيقى تُحفز المخ على إفراز مادة (الإندروفين) التي تقلل من إحساس الإنسان بالألم، فيثار المستمع، وينتشي بها، فتغلق منافذ الإدراك لديه، ولا تراه الا منشغلًا بها كالمسكر.
فتلهيهه عن ذكر الله، وعن أعماله ومسئولياته، وتؤثر على توجهاته من خلال التأثيرات التي تتركها الموسيقى على الإنسان، في الركود والجمود الفكري والذهني، للحد الذي سميت في الموسقى (بحجاب العقل)، لأن الإنجذاب الروحي الذي يحدث عند الشخص الذي يسمع الموسيقى يؤدي به إلى نوع من الصمت والتحجير العقلي.
بحيث أنه حتى لو كان من كبار المفكرين في تلك اللحظة يصبح عقله غير منتج، ولو كان من كبار القضاة فسيعجز عند تلك اللحظة عن البت في أبسط القضايا، بعبارة أخرى ستتأثر قواه العقلية بالأصوات الموسيقية إلى حد يعجز عن استخدام عقله في المجالات العلمية، ومن أجل حل المعضلات الإجتماعية، ولذلك فكبار المفكرين وبعض الأحيان الطلبة الجامعين الذين يسمعون الموسيقى بكثرة بطيئون في الأمور الفكرية، ومختلفون في مجال الرياضيات، اعتناقه ما يقال فيها.
أما الإسلام؛ هدية الله للعباد، فقد جعل لهم القرآن، أمرهم بتلاوته يوميًا في أوقات مناسبة، وأمر بترتيله، وحث على تدبره، ليتأثر بمعانيه تأثيرًا إيجابيًا.
محمد سلامة الغنيمي
باحث بالأزهر الشريف
- التصنيف: