مِن الأدب الضائع في الثناء والمَدح

منذ 2015-02-14

فتدبَّر قولَه: "لا نَدري ما يَصنع في أهله إذا خَلا"! فَوقَى حذيفةُ رضي الله عنه نفسَه الغُلوَّ والإطراءَ في ثنائِه وتمدُّحِه! وأخبرَ فقط عمَّا رآهُ وشَهِدَه، وتورَّع عن إطلاق تمدُّحِه؛ فيمَا خَفِي عنه! لا لِقصْد التنقُّص، وإنما درءًا لظنِّ المُطابقَة المُطلقَة، في الغيب والشهادة!

أخرج البخاريُّ في صحيحِه، من حديث حذيفة رضي الله عنه، قال: "إنَّ أشبَه الناس دلًّا وسَمتًا وهَدْيًا، برسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم لَابن أمِّ عبْد -يعني: عبد الله بن مسعود-! مِن حين يَخرج مِن بيتِه، إلى أن يَرجع إليه! لا نَدري ما يَصنع في أهله إذا خَلا".

قلتُ: فتدبَّر قولَه: "لا نَدري ما يَصنع في أهله إذا خَلا"!
فَوقَى حذيفةُ رضي الله عنه نفسَه الغُلوَّ والإطراءَ في ثنائِه وتمدُّحِه! وأخبرَ فقط عمَّا رآهُ وشَهِدَه، وتورَّع عن إطلاق تمدُّحِه؛ فيمَا خَفِي عنه! لا لِقصْد التنقُّص، وإنما درءًا لظنِّ المُطابقَة المُطلقَة، في الغيب والشهادة!

قال ابنُ حجَر رحمه الله، في (فتح الباري):
"وفيه: توقِّي حذيفة، حيث قال: مِن حين يَخرج إلى أن يَرجع! فإنه اقتصر في الشهادة له بذلك؛ على ما يمكنه مشاهدته! وإنما قال: لا أدري ما يَصنع في أهله؛ لأنه جوَّز أن يكون إذا خَلا يكون في انبساطِه لأهله؛ يزيد أو ينقص عن هيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في أهله! ولم يُرِد بذلك؛ إثباتَ نقصٍ في حقِّ عبد الله رضي الله عنه".

فلَيتنا نتوقَّف عند ما توقَّف عنده القوم، فلا ثناءَ على بياض، ولا نَقِيصَة دون إنصاف.
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو فهر المسلم

باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله