بيـت يعـجبني
اللهمَّ خالقَ الرحمة في قُلوب الأمَّهات، وبارئَ الرأفة في نُفوس الأمَّهات، لا تَفْجَع وَلَدًا بأم، ولا أمًّا بولد، ولا تَحْرم ولدًا نعمةَ بِرِّ الأم، ولا أمًّا نعمةَ بِرِّ الولد، وأدِم الأمَّهاتِ والآباءَ لنا عزًّا وذُخْرًا وحَنانًا.
من أحبِّ الأبيات إليَّ وأعمقها في نفسي أثرًا قولُ الشاعر:
الأمُّ رَيحانَةُ الدُّنيا وبَهْجَتُها *** هَيهاتَ تلقى كقَلبِ الأمِّ هَيهاتَا
فهو بيتٌ رائقُ المباني، جليلُ المعاني، وكثيرًا ما يَلهَجُ بذكره لساني، ويَنبِضُ بمعانيه جَناني.
وإني لأعتدُّه من أعذبِ الشِّعر وأصدَقِه، كيف لا! وقد اختصَرَ في ألفاظٍ قَليلة، ما تَفيضُ به كلُّ روح نبيلة، وكلُّ نفسٍ أصيلة.
إنه تعبيرٌ صادقٌ بيِّنٌ عن القلب الكبير الذي تُجِنُّه كلُّ أمٍّ في صَدرها، هذا القلبُ الذي يتفجَّرُ حبًّا وعطاءً، وتضحيةً وإيثارًا.
إنه القلبُ المتوهِّجُ أبدًا كالشمس، توزِّع ابتساماتِها الحُلوةَ على أرجاءِ الأرض، فتزرعُ فيها البهجةَ والجَذَلَ والحُبور.
أجل هيهاتَ ثم هيهاتَ أن يلقى الإنسانُ قلبًا كقلب الأمِّ، طُهرَ عاطفةٍ، وجَميلَ بِرٍّ، وكرمَ عَطاء.
و والله لو فُتِّشَت رياضُ الدنيا وجَنَّاتُها لما وُجد فيها زهرةٌ أرقُّ وأحْنى من قلب الأم، ولا أشْذى وأعطرُ من قلب الأم، ولا أندى وأجملُ من قلب الأم.
وقُل لي بربِّك هل في نجوم السماء نجمٌ أشدُّ ضياءً من قلب الأم، وأعظمُ ألَقًا من قلب الأم، وأجْدى هدايةً من قلب الأم!؟ ثم هل في عُيون الأرض ويَنابيعها يَنْبوعٌ أعذَبُ من قلب الأم، وأغْدَقُ من قلب الأم، وأرْوى من قلب الأم!؟
وبعدُ، أفيكونُ للحياة معنًى بلا أم، أيكون للعَيش لذَّةٌ بلا أم، أيكون للسَّعادة والهناء مكانٌ بعيدًا عن الأم!؟
اللهمَّ خالقَ الرحمة في قُلوب الأمَّهات، وبارئَ الرأفة في نُفوس الأمَّهات، لا تَفْجَع وَلَدًا بأم، ولا أمًّا بولد، ولا تَحْرم ولدًا نعمةَ بِرِّ الأم، ولا أمًّا نعمةَ بِرِّ الولد، وأدِم الأمَّهاتِ والآباءَ لنا عزًّا وذُخْرًا وحَنانًا.
أيمن بن أحمد ذو الغنى
- التصنيف:
- المصدر: