حبيبة الفؤاد

منذ 2015-02-17

نسْيمٌ منْ جنانِ الأم هبّا *** فألقى في الربوْع شذاً وحبّا

فصفقت الضلوعُ لهُ بشوقٍ *** وضمّتهُ كضمّ المرء حبّا

فناجاهَا النّسيمُ بهمس أمّ *** فأجرى في العروقِ السّحْرَ ذوْبا

وأهدى الروحَ منْ دعواتِ أميّ *** فكانَ دُعاؤها للروْحِ طبّا

رعاها اللّه من أمٍّ رؤؤمٍ *** ولقّاها السرورَ وخيرَ عقبى

فمن ينسى الأمانَ بحجر أمٍّ *** وقدْ أرخى على الأنغام هدباً؟

ومنْ ينسىَ التي سهرتْ عليهِ *** ليالي شدةٍ تقتاتُ رعبا؟

فلن أنساكِ يا أمي حياتي *** وهل تنسى عروق الحيّ قلباً؟

فكم ذقت النعيم بساعديكِ *** وصيرت المضيْق عليّ رُحبا

وكم خلت الصعاب بلا انفراجٍ *** وكانَ الصدرُ للوسواس نهْبا

فناديتُ الرؤوْمَ: إليّ أمّي *** فلبتْ بالحنانِ تحلّ صَعبَا

سرورك منْ سروري حين ألهو*** بعافيةٍ، أثيرُ البيْتَ لعْبا

فتبيض الليالي وهي سودٌ *** ومرّ العيش يصبحُ فيّ عذبا

وتنعشك الأماني وهيَ وهمٌ *** ويبدو بعدها في الحّس قربا

وغمكِ إن ألمّ بي أكتئابٌ *** فيبدُو الخصبُ يا أماهُ جدْبا

ودولابُ الزمان يدورُ نهباً *** وآياتُ الإلهِ تنيرُ قلبا

ولما أن عقلت رأيت أمّي *** تعلّمني حروفَ العلمِ شهبا

فإن العلمَ للإنسان نورٌ *** ومن يرضى سوى الأنوارِ صحبا؟

وخيرُ الصحب في الدنيا كتابٌ *** ينير بصائراً ويقيتَ لبّا

وأمّ لا تني عنْ خلق جيلٍ *** قويمِ الخلق يخشى اللّه دأب

وما مثْلُ الأمومة إنْ تسامتْ *** يعدّ طلائعاً تجتاز صعباً

وما مثل الأمومة منْ طبيبٍ *** لروح تبتغي للأمن درباً

ولو أسطيْعُ أنْ أحصي جميلاً *** لأمي ما كفاني القولُ حقبا

فلولا الأم ما أبصرت نوراً *** ولولا الأم كان العيش جدبا

 

صالح محمد جرار