المهمة غير المستحيلة – عرض كتاب
كتب عن الصلاة بطريقة مختلفة تختلف عن كل ما يمكن أن تقرأه عن هذا الموضوع، ومع أن حجم الكتاب صغير إلا أني استغرقت وقتا لإنهائه، فلا أستطيع إلا أن أنهي فصلا واحدا في الجلسة؛ لكثرة الأفكار التي تسيطر على عقلي. استطاع الكاتب أن يتكلم في موضوع حساس مثل الصلاة بمنتهى البراعة والسهولة، استطاع أن "يجرد" الأفكار والمعاني. عندما تقرأ هذا الكتاب، لن تستطيع أن تقرأ كتابا دون المستوى من بعده، ستضطر أن تبحث عن كتب في نفس مستوى الكتاب.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
"كان من المؤلم حقا أن الناس لا يصلون..
ولكنه كان من المؤلم أكثر، أنهم إذا صلوا، ربما لا يتغيرون"
هكذا كتب د/ أحمد خيري العمري في أول كتاب من سلسلة "كيمياء الصلاة"، وبعد قراءة هذه الجملة ستسأل نفسك على الفور "هل تغيرني الصلاة؟". وقبل أن تفكر في الإجابة، يأتيك السؤال الذي سيصدمك "لماذا نصلي؟" سؤال لم نفكر فيه أو تجنبنا التفكير فيه ... طرحه الكاتب بكل سهولة، لكن التفكير في رد على هذا السؤال ربما يستغرق منك أيام أو أسابيع، وربما لن تجد له إجابة مقنعة أصلا.
يكتب د/ أحمد في الفصل الأول الأسباب الشائعة لتأدية الصلاة وهي: (الصلاة ككفارة، إسقاط الفرض، الصلاة من أجل الراحة النفسية، التواصل مع الله)، ومع أنها يمكن أن تكون من الأسباب إلا أنها لا يجب بأي حال من الأحوال أن تكون الأسباب الرئيسية والوحيدة!
وفي الفصل الثاني يحكي قصة (رجلٌ جاء إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن أهلِ نَجْدٍ ، فإذا هو يسألُ عن الإسلامِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: خمسُ صلواتٍ في اليومِ والليلةِ. فقال: هل عليَّ غيرُها؟ قال : لا إلا أن تَطَوَّعَ . قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وصيامُ رمضانَ. قال هل عليَّ غيرُه؟ قال: لا إلا أن تَطَوَّعَ. وذَكَرَ له رسولُ اللهِ الزكاةَ ، قال: هل عليَّ غيرُها ؟ قال: لا إلا أن تَطَوَّعَ . فأَدْبَرَ الرجلُ وهو يقولُ: والله لا أزيدُ على هذا ولا أَنْقُصُ. قال رسولُ اللهِ : أَفْلَحَ إن صَدَقَ). هذا الرجل –المجهول- الذي أصبح قدوة لبعض الناس. فهل يستحق هذا الرجل أن يكون قدوة؟!
أما في الفصل الثالث والرابع فقد تكلم عن الشعائر (والطقوس) -بوجه عام- وعلاقتها بالإنسان، أو أنها في الأصل هي ما يميز الإنسان! يقول الكاتب "وحده الإنسان، من بين كل المخلوقات، يمكنه أن يحول تلك الحركات، من مجرد حركات فيزيائية إلى (صلة) تربطها ببعد آخر، غير منظور، لا تستطيع الزواحف حتى أن تتصور وجوده".
وفي الفصل الخامس نجد العلاقة بين الصلاة والهدف الأساسي من وجودنا على الأرض (الخلافة)، ثم العلاقة –أو الاختلاف- بين سورتي الكوثر والتكاثر. يقول الكاتب "إذا كان هناك أحد، قد نسي ذلك (أو إذا كان أحد قد تذكره أصلا!) فقد تصادف أنك موجود هنا: من أجل أنك خليفة على الأرض ... وهذه الصلاة، المفترض أنها تقوم بتحسين أدائنا لما وجدنا من أجله"
والفصل السادس والأخير يعرض "معنى الصلاة"! فالصلاة تعني الدعاء، واللزوم، والاحتراق، وما يحيط بعظم العصعص ... كلها معان تبدو بعيدة تمام البعد عن مفهوم الصلاة، لكن الكاتب استطاع من خلال التلسكوب أن يرى العلاقة بين الصلاة وكل هذه المعاني.
كتب عن الصلاة بطريقة مختلفة تختلف عن كل ما يمكن أن تقرأه عن هذا الموضوع، ومع أن حجم الكتاب صغير إلا أني استغرقت وقتا لإنهائه، فلا أستطيع إلا أن أنهي فصلا واحدا في الجلسة؛ لكثرة الأفكار التي تسيطر على عقلي. استطاع الكاتب أن يتكلم في موضوع حساس مثل الصلاة بمنتهى البراعة والسهولة، استطاع أن "يجرد" الأفكار والمعاني. عندما تقرأ هذا الكتاب، لن تستطيع أن تقرأ كتابا دون المستوى من بعده، ستضطر أن تبحث عن كتب في نفس مستوى الكتاب.
- التصنيف:
- المصدر: