طرق الأحذية!
ما زالَ طَرْقُ الأحْذِية يلـــفُّ المـــدار.. وسُعــارُ الخـــوف.. يشعِــلُ فتيــلَ المُهَــج.. يصْهرُ النَّبضات الخَرْساء.. فتتوعَّـــد وهــي تُساقُ للمــوت
-1-
اشْتكــت الأرضُ السَّليبــة من طَرْقِ الأحذية
مـا أطول المَسير في صحراءَ جرْداء بلا زادٍ ولا قافلــة
والقيظُ اشتدُّ حرُّه لا يــدَّري منــه الشَّيْب
المُشْتعِل فــي الــرَّأس كالعشــبِ هاجَ نضــارُه
ثـــم أَنْهكَــهُ الخريــف وعثَّــهُ الشَّــوك
والزَّفــراتُ تهتزُّ في الصَّدرِ لاهِثَة
تلْفِظُ أَنْفاسَهــا في مداها البعيد
والعيـــنُ في منْفاها دامِعَة
تسقـــي الرُّفــاتَ سيـــولاً جاريــــة
-2-
لا شيءَ يعيـــــدُ للـــذَّاكرة هَمْسَ السَّواقي
وخريرَ المـاء إلا قطرات نَدِيَّـة
في لحظــات توقِــظُ أشــواقَ الــورد
تحْضـنُ نبضـاتِ القلـب
فيتدفَّقُ هطَلُ الحَنيـن
-3-
لا شيء يمسَحُ تجاعيــدَ الوجــه
والنُّــدوبُ متوقِّحَـــة وأوجاعُ السِّنيـن غائِــرة
لا شيء يرتِّق نزفَ الجُرْحِ القديم إلا دِهـــان الــورد
يشْرقُ بهِــيَّ الحُسْــن يسيلُ صافيًا من النَّبــع
ومن عِرْقِ النُّورِ يتوهَّــج يسْكــبُ أريــجَ العطــــر
فتعود البسمــة تلــفُّ الجسَــد الحانــي
بكســــاءِ الأرض وتوقِظُ التَّاريخَ المنْسِي
وتجْتَثُّ الأَنْقاض فينْبعِث الدِّفْء مٌزْهِرَ الخَد
-4-
ما زالَ طَرْقُ الأحْذِية يلـــفُّ المـــدار
وسُعــارُ الخـــوف يشعِــلُ فتيــلَ المُهَــج
يصْهرُ النَّبضات الخَرْساء
فتتوعَّـــد وهــي تُساقُ للمــوت
وتتزيَّن الأرض السَّليبة من جديد
بخِضابِ الفتُوَّةِ والشَّبــاب
ويعــودُ الرَّبيع كمــا كــان يغْــزِل خيــوطَ الشمــس
فتتفتَّـقُ منه حمـرةُ الدَّم
وتعــــودُ الأمانـــي إلى عشِّها المدَلَّل
تنصِـــت للأحــلام ولطقطقاتِ الحطب
وتنفُــضُ الغبــارَ والقِـش عـن أديــمِ الأرض
فتغــرِّد النبضــات على غصن القلب
صفية الودغيري
كاتبة إسلامية حاصلة على دكتوراه في الآداب - شعبة الدراسات الإسلامية.
- التصنيف: