كاميليا شحاتة صفعات في كل الاتجاهات
في النهاية صفعة على وجهنا نحن معاشر المسلمين على اختلاف اتجاهاتنا ومناهجنا، أن أفيقوا لما يحاك ضدكم ويدبر لكم، لقد شغلنا رغيف الخبز عن نصرة أختنا الأسيرة في سجون الأديرة، فإلى متى أيها المسلمون هذا الخنوع والركون إلى الدنيا؛ حتى يأتي يوم يحكمنا فيه النصارى، وما تنزانيا مملكة زنجبار سابقًا التي أغلبيتها مسلمون ويحكمها النصارى عنا ببعيد.
تمر الأمة المسلمة الآن بمحنً عِظام لم تشهد مثلها على مر عصورها واختلاف أمصارها, فعلى رغم ما مر بها قبل ذلك من محن لم يشهد عصر ولا مصر تنحية الشريعة، ولا احتلالها بأيدي أبنائها بالوكالة عن أعدائها.
وتتنوع ألوان المحن على الأمة حتى يعيا المرء من حصرها وعدها, وتأتي كل محنة لتدمي قلب المسلم حتى ينسى من هولها الآمه من التي قبلها، ولا يفيق من حمل همها إلا على محنة جديدة تحتاج إلى من يحمل همها ويداوي جراح أهلها.
رغم هذا الواقع المرير إلا أننا نستبشر لعاقبة الصبر علي هذه المحن والأجر العظيم في السعي لرفعها عن الأمة، وما تُؤذن به من قرب الفرج كما وعد ربنا حيث قال ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾ [النور: 55]، وقال تعالي ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون ﴾ [البقرة:157،156].
ونقف هذه الأيام مع محنة جديدة تدمي القلب وتدمع العين وتكوي الفؤاد.. محنة أسر أختنا كاميليا شحاتة ثبتها الله وردها إلينا ردًّا جميلا، ومن المحنة أيضا أن أذكر قصتها هنا فكان يجب أن تكون معلومة للقاصي والداني، ولكن الناس بكوا على أسراهم وأسرانا لا بواكي لهم.
قال "أبو محمد" الأب الروحي لها: أتت"كاميليا" في الموعد الذي حدّته لها ولاحظ أهل بيته عليها الحرص الشديد على دوام الذكر وقراءة القرآن، كما كانت تتوضأ وضوءها للصلاة قبل كل صلاة بفترة كبيرة استعدادا للصلاة، وقال : أنه كان واضحا أنها تعرف عن الإسلام الكثير، من طريقة صلاته ووضوئها وأنها تقرأ القرآن بتجويد منضبط جدا أفضل من كثير من المسلمين، وأنها أخبرتهم بأنها زوجة كاهن، وأن زوجها كان يضع أموال التبرعات للكنيسة في حساب شخصي باسمها في دفتر توفير بالبريد، وأنها قبل سفرها قامت بسحب كامل المبلغ المودع باسمها وقدره خمسة وثلاثون ألف جنيه، ووضعته في مظروف وتركته في البيت لزوجها مع رسالة تفيد بذلك، ثم توجّهتُ بها إلى القاهرة قاصدين الأزهر الشريف من أجل إشهار إسلامها، وقاموا بملء الاستمارات ووقعت عليها "كاميليا" بما يفيد رغبتها في ترك المسيحية والدخول في الإسلام، وتم تسليمها إلى الجهة الإدارية المختصة بذلك في الأزهر للحصول على التوقيعات والأختام، وأضاف أنه لما طالت المدة ناشد الموظفين مساعدتهم لأنهم من الصعيد قدموا من سفر بعيد، وهو كبير السن وصاحب مرض، ويريدون العودة وإنجاز الورقة، فسألوه عن صاحب الشأن أو صاحبة الشأن، فنطق باسمها، فجرت همهمة بين الموظفين وقالوا له: لدينا تعليمات بعدم إنجاز أي ورقة تخص هذه السيدة اليوم، تعالى غدا، لأن هناك لجنة من القساوسة ستقابلها وتناقشها، قال: فخرجنا وكانت كاميليا قد لبست النقاب، وأصبحنا في حيرة، هل نعود بها غدا وقد يقبضون عليها مثل "وفاء قسطنطين"؟ ثم بعد يومين من المطاردة قبض عليها من قبل الأمن وتم تسليمها للكنيسة ولا يعلم أحد عنها شيء حتى الآن. [باختصار].
ذهبت كاميليا كما ذهبنَّ أخواتُها والله وحده يعلم مصيرها ومصيَرهنَّ، ولكنها بذهابها هذا أرسلت صفعات في كل ولكل الاتجاهات.
صفعة مدوية على وجه الأمن الذي لم يعد له من اسمه حظ ولا نصيب إلا لأسياده في الخارج والداخل، إننا نعجب من أمن يهتم بسيادة على الحدود لدرجة تجويع إخوانه المسلمين وحصارهم ويترك سيادته في قلب عاصمته تنتهك من قبل من بالمفترض أن يكونوا أعداءه، إننا نعجب من أمن ودولة ما فتأت تتشدق بحكم القانون وسيادته وثابت الدستور وعدم المساس به ثم تسمح لعصابة من الرهبان الخروج عليه بل وتساعدهم على ذلك وتوفر لهم الحماية والدعم، إنه أمن السلطة لا أمن الشعب، إنه أمن الكرسي العفن الذي باعوا من أجله دينهم قبل شعبهم وكان من المفترض لهم حماية المسلمين، لا تسليمهم للنصارى يفتنوهم عن دينهم من أجل إرضاء أسيادهم في الغرب والشرق، ونقول لهذا الأمن إن كنتم تعتقدون أنكم تحافظون على الوحدة الوطنية بهذه الأفعال فهذا من الغباء بمكان! فكيف يستفز عشرات الملايين من أجل إرضاء أقلية لا تمثل 3% من الشعب؛ فاعقلوا..
صفعة أخرى على وجه منظمات حقوق الإنسان المزعومة، ولو صدقوا مع أنفسهم لقالوا حقوق الإنسان الغربي أو حقوق الكفر، إنها منظمات مأجورة لزعزعة أمن الدول الإسلامية والدفع عن الكفر والإلحاد، ولكي تكون دائما شوكة في حلق الأنظمة الإسلامية تهدد كيانها وتراقب تصرفاتها بدعم لا يخفى على أحد، بل هم يعترفون أنه غربي، لقد أقاموا الدنيا ولم يقعدوها من أجل قضية الختان، قطعة صغيرة تقطع من المرأة أثبت الطب فائدتها، وتركوا المسلمات يُقطع لحمُهنَّ في سجون الأديرة والكنائس، وقبلها الحجاب، ثم خالد سعيد، ولكن عندما يتعلق الأمر بصاحب الدعم يجب أن تخرس هذه الألسنة وإن كانت قضية كاميليا أخطر من قضية خالد سعيد، فالفتنة أشد من القتل، فأين أصحاب حقوق الإنسان فيما يعتقد وأين المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني؟! يا لها من أسماء رنانة ولكنها لا تقرع إلا أسماع المسلمين.
صفعة أخرى مدوية على وجه الكنيسة وإن كانت ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة بإذن الله، ولكن كانت صفعة كاميليا أقوى حيث أنها زوجة كاهن تعلم الكثير من خبايا الكنيسة، وقد أفصحت عن شيء منها، ولعل هذا ما يفسر صرع الكنيسة ولهفتها للقبض عليها قبل فضح باقي المستور، وهي أيضا صفعة لأتباع الكنيسة أن أفيقوا من هذا الضلال، فهذه زوجة قسيس متعمقة كما تقول ويعرف عنها ذلك، هداها الله وجعل هذا التعمق سببًا إلى وصولها للحقيقة التي لا تحتمل مراء ولا كثير تفكير، إلى الإسلام الدين الحق، ولذلك جعلت الكنيسة التعمق حكر على من تثق في ولائه لها، لا لأي أحد خوفًا من المصير المحتوم، ألا وهو الإسلام، لقد أفلست الكنيسة المصرية، منذ بدأت تلعب على أسطحها باليزر وتدعي ظهور العذراء! ولم يعد لها حيلة للحفاظ على البقية الباقية من أتباعها إلا عن طريق خلق معارك وهمية وشعور بالاضطهاد لدى أتباعها حتى تظل المشاعر دائما متأججة غافلة عن أصل القضية وحقيقة المعتقد الفاسد.
وصفعة أخرى على وجه العلمانيين والليبراليين المنادين بفصل الدولة عن الدين، الداعيين إلى المواطنة وحبس المعتقد وأن يلزم دور العبادة، دعاوى لا يصرخ بها إلى في وجه المسلمين فلماذا خرس صوت العلمانيين والليبراليين؟ وأين الدولة المدنية؟ وأين سيادة القانون وحرمة الدستور؟ وأين الهجوم على حد الردة الذي لا نعلم أنه طبق منذ عشرات السنين وأصبح لا يتعدى كونه فصلا في كتب الفقه؟ فلماذا السكوت عن حد ردّة النصراني الذي تطبقه الكنيسة؟ وهو يطبق صباح مساء عملي من دون حياء ولا خفاء وما وفاء قسطنطين وأخواتها عنا ببعيد، ولكن إنه المال الطائفي الذي ألجم كل الأفواه وحيَّد كل الأقلام!!
في النهاية صفعة على وجهنا نحن معاشر المسلمين على اختلاف اتجاهاتنا ومناهجنا، أن أفيقوا لما يحاك ضدكم ويدبر لكم، لقد شغلنا رغيف الخبز عن نصرة أختنا الأسيرة في سجون الأديرة، فإلى متى أيها المسلمون هذا الخنوع والركون إلى الدنيا؛ حتى يأتي يوم يحكمنا فيه النصارى، وما تنزانيا مملكة زنجبار سابقًا التي أغلبيتها مسلمون ويحكمها النصارى عنا ببعيد.
إن الواجب على كل مسلم الآن أن ينصر دين الله عز وجل في نفسه وأن يتقي الله ويتعلم دينه وعقيدته ويدعو لها ويذب عنها، يجب على كل مسلم أن يفعل ما يستطيع، وأن لا يتخاذل عنه، فالكاتب يكتب، والسياسي ينشر القضية في كل محفل، حتى رجل الشارع يجب أن يدعو لأخته كاميليا وأخواتها، وأن ينشر قضيتها، ويخبر أولاده بحقيقة الصراع، وفي النهاية أذكر نفسي وإخواني بقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38]
اللهم نجي المستضعفين من المؤمنين والمؤمنات في سجون الأديرة وثبتهم يا رب العالمين، وردهم إلينا ردا جميلا، اللهم ارحم ضعفهم واغفر لنا تقصيرنا نحوهم يا رب العالمين، وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين.
إيهاب إبراهيم
باحث شرعي وكاتب صحفي
- التصنيف:
- المصدر: